وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٢) وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٣) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٣٥)
وقوله تعالى : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) معناه : صدق ، وآمن : يتعدى باللام والباء ، والقائل (إِنِّي مُهاجِرٌ) هو إبراهيم عليهالسلام. قاله قتادة والنخعيّ (١) ؛ وقالت فرقة : هو لوط ـ عليهالسلام ـ.
وقوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا ...) الآية ، الأجر الذي آتاه الله في الدنيا : العافية من النار ومن الملك الجائر. والعمل الصالح ؛ أو الثناء الحسن ؛ قاله مجاهد (٢) ويدخل في عموم اللفظ غير ما ذكر.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) ، أي : في عداد الصالحين الذين نالوا رضا الله عزوجل ، وقول لوط عليهالسلام : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) ، قالت فرقة : كان قطع الطريق بالسلب فاشيا فيهم ، وقيل غير هذا ، والنادي ، المجلس الذي يجتمع الناس فيه. واختلف في هذا المنكر الذي يأتونه في ناديهم : فقالت فرقة : كانوا يحذفون الناس بالحصباء ؛ ويستخفّون بالغريب والخاطر عليهم ؛ وروته أم هانىء عن النبي صلىاللهعليهوسلم (٣) : وكانت خلقهم مهملة ؛ لا يربطهم دين ؛ ولا مروءة ، وقال
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ٣١٤)
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٣٤) رقم (٢٧٧٣٥) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣١٤) ، وابن كثير (٣ / ٤١١)
(٣) أخرجه الترمذيّ (٥ / ٣٤٢) كتاب التفسير : باب «ومن سورة العنكبوت» ، حديث (٣١٩٠) ، وأحمد (٦ / ٣٤١) ، والطبريّ في «تفسيره» (١٠ / ١٣٦) رقم (٢٧٧٤٥) ، والحاكم (٢ / ٤٠٩) ، والطبراني في «الكبير» (٢٤ / ٤١١ ـ ٤١٢) رقم (١٠٠٠ ، ١٠٠١ ، ١٠٠٢) كلهم من طريق أبي صالح مولى أم هانىء عن أم هانىء به ..
وقال الترمذيّ : حديث حسن.
وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٢٧٦) ، وزاد نسبته إلى الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في «الصمت» ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والشاشي في «مسنده» ، وابن مردويه ، والبيهقي في «الشعب» ، وابن عساكر.