زيد (١) : لا يعجزه أهل الأرض في الأرض ، ولا أهل السماء في السماء ؛ إن عصوه. وقيل : معناه : ولا في السماء لو كنتم فيها. وقيل : المعنى : ليس للبشر حيلة إلى صعود أو نزول ؛ يفلتون بها. قال قتادة : ذمّ الله قوما هانوا عليه ؛ فقال : (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي ...) الآية.
قال ع (٢) : وما تقدّم من قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ ...) إلى هذه الآية المستأنفة ؛ يحتمل أن يكون خطابا لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، ويكون اعتراضا في قصّة إبراهيم عليهالسلام ، ويحتمل أن يكون خطابا لإبراهيم عليهالسلام ؛ ومحاورة لقومه ؛ وعند آخر ذلك ذكر جواب قومه.
وقوله تعالى : (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) أي بأن جعلها بردا وسلاما.
قال كعب (٣) الأحبار ـ رضي الله عنه ـ : ولم تحرق النار إلا الحبل الذي أو ثقوه به ؛ وجعل سبحانه ذلك آية ، وعبرة ، ودليلا على توحيده لمن شرح صدره ؛ ويسره للإيمان. ثم ذكر تعالى أن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ قررهم على أنّ اتخاذهم الأوثان ؛ إنما كان اتباعا من بعضهم لبعض ؛ وحفظا لمودتهم الدنيوية ؛ وأنهم يوم القيامة يجحد بعضهم بعضا ، ويتلاعنون ؛ لأن توادّهم كان على غير تقوى ، (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف : ٦٧].
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (٣١) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٣١) رقم (٢٧٧٢٦)
(٢) ينظر : «المحرر» (٤ / ٣١٢)
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٣٢) رقم (٢٧٧٢٧) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣١٢ ـ ٣١٣) ، والسيوطي (٥ / ٢٧٤) بنحوه ، وعزاه لكعب.