وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١٨)
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ ...) الآية ، العطف بالفاء يقتضي ظاهره أنه لبث هذه المدة رسولا ؛ يدعو إلى عبادة الله تعالى ، و (الطُّوفانُ) : العظيم الطامي ، ويقال ذلك لكل طام خرج عن العادة من ماء ، أو نار ، أو موت.
وقوله : (وَهُمْ ظالِمُونَ) يريد : بالشرك. ثم ذكر تعالى قصة إبراهيم عليهالسلام وقومه ، وذلك أيضا تمثيل لقريش.
وقوله تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) قال ابن عباس (١) : هو نحت الأصنام.
وقال مجاهد (٢) : هو اختلاق الكذب في أمر الأوثان ؛ وغير ذلك.
(أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٢٢) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٢٥)
وقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ...) الآية ، هذه الحالة هي على ما يظهر مع الأحيان من إحياء الأرض ، والنبات ؛ وإعادته ؛ ونحو ذلك مما هو دليل على البعث من القبور ، ثم أمر تعالى نبيّه محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، ويحتمل أن يكون إبراهيم عليهالسلام بأن يأمرهم على جهة الاحتجاج ، بالسير في الأرض ، والنظر في أقطارها ، و (النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) : نشأة القيام من القبور.
وقوله تعالى : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ...) الآية ، قال ابن
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٢٩) رقم (٢٧٧٢٠) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣١١) ، وابن كثير (٣ / ٤٠٧)
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٢٩) رقم (٢٧٧١٩) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣١١) ، والسيوطي (٥ / ٢٧٤) بنحوه ، وعزاه للفريابي ، وابن جرير عن مجاهد.