ورده إلى أمه. الحديث في كتب السيرة ، وباقي الآية بيّن. ثم كرر تعالى التمثيل بحالة المؤمنين العاملين ؛ ليحرك النفوس إلى نيل مراتبهم.
قال الثعلبي : قوله تعالى : (لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) أي : في زمرتهم.
وقال محمد بن جرير (١) : في مدخل الصالحين : وهو الجنة.
وقيل : (فِي) بمعنى : «مع» و «الصالحون» : هم الأنبياء والأولياء ، انتهى.
وقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) إلى قوله : (الْمُنافِقِينَ) ، نزلت في المتخلفين عن الهجرة ؛ المتقدّم ذكرهم ؛ قاله ابن عباس (٢). ثم قررهم تعالى على علمه بما في صدورهم ، أي : لو كان يقينهم تامّا وإسلامهم خالصا ؛ لما توقّفوا ساعة ولركبوا كلّ هول إلى هجرتهم ودار نبيهم.
وقوله تعالى : (وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) هنا انتهى المدني من هذه السورة.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) (١٣)
وقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا ...) الآية ، روي : أن قائل هذه المقالة هو : الوليد بن المغيرة ، وقيل : بل كانت شائعة من كفار قريش ؛ لاتباع النبيصلىاللهعليهوسلم.
وقوله تعالى : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ ...) الآية ، لأنه يلحق كل داع إلى ضلالة ؛ كفل منها حسبما صرّح به الحديث المشهور (٣).
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥) وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ
__________________
(١) ينظر : «الطبريّ» (١٠ / ١٢٤)
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٢٥) رقم (٢٧٧٠٦) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٠٨) بنحوه.
(٣) تقدم تخريجه ، وهو حديث : «من دعا إلى ضلالة ...».