مسعود ما في الآية بما يعتري رؤوس الكباش إذا شيطت بالنار ؛ فإنّها تكلح ، ومنه كلوح الكلب والأسد (١).
قلت : وفي «الترمذيّ» عن أبي سعيد الخدريّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : (وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) قال : تشويه النّار ، فتقلص شفته العليا حتّى تبلغ وسط رأسه ، وتسترخي شفته السفلى حتّى تضرب سرّته ...» (٢) الحديث قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب ، انتهى.
وهذا هو المعوّل عليه في فهم الآية ، وأمّا قول البخاريّ : (كالِحُونَ) (٣) معناه : عابسون ـ فغير ظاهر ، ولعلّه لم يقف على الحديث.
(أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٠٥) قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (١٠٧) قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (١٠٨)
وقوله سبحانه : (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي) أي : يقال لهم ، والآيات هنا القرآن ، وقرأ حمزة : «شقاوتنا» ثم وقع جواب رغبتهم بحسب ما حتمه الله من عذابهم بقوله : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) ويقال : إنّ هذه الكلمة إذا سمعوها يئسوا من كل خير ، فتنطبق عليهم جهنّم ، ويقع اليأس ـ عافانا الله من عذابه بمنّه وكرمه ـ!
وقوله : (اخْسَؤُا) زجر ، وهو مستعمل في زجر الكلاب.
(إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩)
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٢٤٦) برقم (٢٥٦٧٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٥٧) ، والسيوطي (٥ / ٣١) وعزاه لعبد الرزاق ، والفريابي ، وابن أبي شيبة ، وهناد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه عن ابن مسعود.
(٢) أخرجه الترمذي (٤ / ٧٠٨) كتاب صفة جهنم : باب ما جاء في صفة طعام أهل النار ، حديث(٢٥٨٧) ، وفي (٥ / ٣٢٨) كتاب التفسير : باب ومن سورة المؤمنين ، حديث (٣١٧٦) ، وأحمد (٣ / ٨) ، والحاكم (٢ / ٣٩٥) ، وأبو يعلى (٢ / ٥١٦) رقم (١٣٦٧) كلهم من طريق ابن المبارك عن سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب. وصححه الحاكم.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٣١) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في «صفة النار» ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم في «الحلية».
(٣) ينظر : «صحيح البخاري» (٨ / ٢٩٩) كتاب التفسير : باب سورة المؤمنين.