وقوله سبحانه : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ...) الآية : نزلت بسبب قول الوليد بن المغيرة : (أَأُنْزِلَ) (١) (عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) [ص : ٨].
ص : أبو البقاء : (وَمِنَ النَّاسِ) أي : رسلا ، انتهى ، ثم أمر سبحانه بعبادته ٢٨ ب وخصّ الركوع والسجود بالذكر ؛ تشريفا / للصلاة ، واختلف الناس : هل [في] (٢) هذه الآية سجدة أم (٣) لا؟.
قال ابن العربيّ (٤) في «أحكامه» : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) تقبّلها قوم على أنّها سجدة تلاوة ؛ فسجدوها.
وقال آخرون : هو سجود الصلاة فقصروه عليه ، ورأى عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما : أنها سجدة تلاوة ، وإنّي لأسجدها وأراها كذلك (٥) ؛ لما روى ابن وهب ، وغيره عن مالك ، وغيره (٦) ، انتهى.
وقوله سبحانه : (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) ندب فيما عدا الواجبات.
قلت : وهذه الآية الكريمة عامّة في أنواع الخيرات ، ومن أعظمها الرأفة والشفقة على خلق الله ، ومواساة الفقراء وأهل الحاجة ، وقد روى أبو داود والترمذيّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم [أنه قال : «أيّما مسلم] (٧) كسا مسلما ثوبا على عري ، كساه الله من خضر الجنّة ، وأيّما مسلم أطعم مسلما على جوع ، أطعمه الله من ثمار الجنّة ، وأيّما مسلم سقى مسلما على ظمإ ، سقاه الله من الرحيق المختوم» (٨). انتهى. وروى علي بن عبد العزيز البغوي في «المسند المنتخب» عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أيّما مسلم كسا مسلما ثوبا ، كان في حفظ الله ما بقيت عليه منه رقعة» (٩). وروى ابن أبي شيبة في «مسنده» عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «أيّما أهل
__________________
(١) في ج : نزل.
(٢) سقط في ج.
(٣) في ج : أو.
(٤) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٣٠٤)
(٥) ذكره البغوي (٣ / ٢٩٩)
(٦) ذكره البغوي (٣ / ٢٩٩)
(٧) سقط في ج.
(٨) تقدم تخريجه.
(٩) تقدم تخريجه.