لَهُ قُلُوبُهُمْ) : معناه : تتطامن وتخضع ، وهو مأخوذ من الخبت وهو المطمئن من الأرض كما تقدم.
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي : من القرآن ، والمرية : الشكّ ، (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ) يعني يوم القيامة ، (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) قيل : يوم بدر ، وقيل : الساعة ساعة موتهم ، واليوم [العقيم] (١) يوم القيامة.
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩) ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (٦٢)
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا ...) الآية ، ابتداء معنى آخر ؛ وذلك أنّه لما مات عثمان بن مظعون ، وأبو سلمة بن عبد الأسد قال بعض الناس : من قتل من المهاجرين أفضل ممّن مات حتف أنفه. فنزلت هذه الآية مسوّية بينهم في أنّ الله تعالى يرزق جميعهم رزقا حسنا ، وليس هذا بقاض بتساويهم في الفضل ، وظاهر الشريعة أنّ المقتول أفضل ، وقد قال بعض الناس : المقتول والميت في سبيل الله شهيدان ، ولكن للمقتول مزيّة ما أصابه في ذات الله ، والرزق الحسن يحتمل : أن يريد به رزق الشهداء عند ربهم في البرزخ ، ويحتمل أن يريد بعد يوم القيامة في الجنة (٢) ، وقرأت (٣) فرقة : «مدخلا» ـ بضم الميم ـ ؛ من أدخل ؛ فهو محمول على الفعل [المذكور ، وقرأت فرقة : «مدخلا» ـ بفتح الميم ـ ؛ من دخل ؛ فهو محمول على فعل] (٤) مقدّر تقديره : فيدخلون مدخلا ، ثم أخبر سبحانه عمّن عاقب من المؤمنين من ظلمه من الكفرة ، ووعد المبغيّ عليه بأنه ينصره ، وذلك أن هذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين لقيهم كفّار في
__________________
(١) سقط في ج.
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ١٣٠)
(٣) بفتح الميم قرأ نافع ، وبضمها قرأ الباقون.
ينظر : «السبعة» (٤٣٩ ، ٤٤٠) ، و «الحجة» (٥ / ٢٨٤) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٨٣) ، و «العنوان» (١٣٥) ، و «حجة القراءات» (٤٨١) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ٢٧٨)
(٤) سقط في ج.