معناه : البعيد ؛ قال الشاعر [الطويل] :
إذا الخيل جاءت من فجاج عميقة |
|
يمدّ بها في السير أشعث شاحب (١) |
والمنافع في هذه الآية التجارة في قول أكثر المتأولين ، ابن عباس (٢) وغيره ، وقال أبو جعفر محمد بن علي : أراد الأجر ومنافع الآخرة (٣) ، وقال مجاهد بعموم الوجهين (٤).
ت : وأظهرها عندي قول أبي جعفر ؛ يظهر ذلك من مقصد الآية ، والله أعلم.
وقال ابن العربيّ : الصحيح : القول بالعموم ، انتهى.
وقوله سبحانه : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) ذهب قوم إلى : أنّ المراد ذكر اسم الله على النّحر والذبح ، وقالوا : إنّ في ذكر الأيام دليلا على أنّ الذبح في الليل لا يجوز ، وهو مذهب مالك وأصحاب الرأي.
وقالت فرقة فيها مالك وأصحابه : الأيام المعلومات : يوم النحر ويومان بعده.
وقوله : (فَكُلُوا) ندب ، واستحب أهل العلم أن يأكل الإنسان من هديه وأضحيّته ، وأن يتصدّق بالأكثر ، والبائس : الذي قد مسّه ضرّ الفاقة وبؤسها ، والمراد أهل الحاجة ، والتفث : ما يصنعه المحرم عند حلّه من تقصير شعر وحلقه ، وإزالة شعث ونحوه ، (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) : وهو ما معهم من هدي وغيره ، (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) : يعني : طواف الإفاضة الذي هو من واجبات (٥) الحج.
__________________
(١) لم أقف على قائله ، والفجاج جمع فج ، وهو الطريق الواسع في الجبل ، والعميق البعيد سفلا ، وهو محل الشاهد ، والأشعث المتلبد شعره المتغير ، والشاحب المتغير من هزال.
ينظر : «البحر المحيط» (٦ / ٢) ، و «الدر المصون» (٥ / ١٤٤)
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٣٦) برقم (٢٥٠٦٣) ، وذكره البغوي (٣ / ٢٨٤) ، وابن عطية (٤ / ١١٨) ، وابن كثير (٣ / ٢١٦) ، والسيوطي (٤ / ٦٤٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٣٧) برقم (٢٥٠٧٤) بلفظ العفو ، وذكره ابن عطية (٤ / ١١٨)
(٤) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٣٧) برقم (٢٥٠٧٢) ، وذكره البغوي (٣ / ٢٨٤) ، وابن عطية (٤ / ١١٨) ، وابن كثير (٣ / ٢١٦) ، والسيوطي (٤ / ٦٤٠) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد.
(٥) من أركان الحج الطواف بالبيت ، لقوله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ، والمراد به : طواف الإفاضة ، لانعقاد الإجماع على ذلك ، ولهذا الطواف أسماء غير ذلك منها طواف الزيارة ، وطواف الفرض ، وقد يسمى طواف الصدر بفتح الدال : والأشهر أن طواف الصدر هو طواف الوداع. ـ