يحاسب بذلك إلّا في مكّة. هذا قول ابن مسعود وجماعة من الصحابة (١) وغيرهم.
قال ص : وقوله : (أَنْ لا تُشْرِكْ) : أن : مفسّرة لقول مقدّر ، أي : قائلين له ، أو موحين له : لا تشرك ، وفي التقدير الأول نظر فانظره ، انتهى.
وقوله تعالى : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ ...) الآية : تطهير البيت عامّ في الكفر ، والبدع ، وجميع الأنجاس ، والدماء ، وغير ذلك ، (وَالْقائِمِينَ) : هم المصلون ، وخصّ سبحانه بالذكر من أركان الصلاة أعظمها ، وهو القيام والركوع والسجود ، وروي : «أنّ إبراهيم ـ عليه [الصلاة] (٢) والسلام ـ لمّا أمر بالأذان بالحج ـ قال : يا رب ، وإذا أذّنت ، فمن يسمعني؟ فقيل له : ناد يا إبراهيم ، فعليك النداء وعلينا البلاغ ؛ فصعد على أبي قبيس (٣) ، وقيل : على حجر المقام ، ونادى : أيّها الناس ، إنّ الله تعالى قد أمركم بحجّ هذا البيت ؛ فحجّوا ، فروي أنّ يوم نادى أسمع كلّ من يحج إلى يوم القيامة في أصلاب الرجال ، وأجابه كل شيء في ذلك الوقت : من جماد ، وغيره : لبّيك اللهمّ لبيك ؛ فجرت التلبية على ذلك». قاله ابن عباس ، وابن جبير (٤) ، و (رِجالاً) : جمع راجل ، وال (ضامِرٍ) : قالت فرقة : أراد بها الناقة ؛ وذلك أنه يقال : ناقة ضامر ، وقالت فرقة : لفظ «ضامر» يشمل كلّ من اتصف بذلك من جمل ، أو ناقة ، وغير ذلك.
قال ع (٥) : وهذا هو الأظهر ، وفي تقديم (رِجالاً) تفضيل للمشاة في الحج ؛ وإليه نحا ابن عباس (٦).
قال ابن العربي في «أحكامه» (٧) : قوله تعالى : (يَأْتِينَ) ردّ الضمير إلى الإبل ؛ تكرمة لها لقصدها الحج مع أربابها ؛ كما قال تعالى : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) [العاديات : ١]. في خيل الجهاد ؛ تكرمة لها حين سعت في سبيل الله ، انتهى. والفجّ : الطريق الواسعة ، والعميق :
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ١١٦) والسيوطي (٤ / ٦٣٣) ، وعزاه لسعيد بن منصور ، والطبراني عن ابن مسعود.
(٢) سقط في ج.
(٣) جبل مشرف على مكة ينظر : «المراصد» (٣ / ١٠٦٦)
(٤) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٣٤) برقم (٢٥٠٣٩ ، ٢٥٠٤٠ ، ٢٥٠٤١) عن ابن عباس ، وبرقم (٢٥٠٤٣) عن سعيد بن جبير ، وذكره ابن عطية (٤ / ١١٨) ، والسيوطي (٤ / ٦٣٨) ، وعزاه لابن جرير عن ابن عباس ، وعزاه أيضا لابن جرير عن سعيد بن جبير.
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١١٨)
(٦) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٣٥ ، ١٣٦) برقم (٢٥٠٥٢) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١١٨) ، وابن كثير (٣ / ٢١٦) ، والسيوطي (٤ / ٦٣٩) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن سعد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي عن ابن عباس.
(٧) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٢٧٩)