حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) معادل له ، ويؤيد هذا قوله تعالى بعد هذا : (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) الآية.
(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (٢٢)
وقوله سبحانه : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ...) الآية ، نزلت هذه الآية في المتبارزين يوم بدر ، وهم ستّة نفر : حمزة ، وعليّ ، وعبيدة بن الحارث (رضي الله عنهم) برزوا لعتبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وشيبة بن ربيعة ، قال علي بن أبي طالب : أنا أوّل من يجثو يوم القيامة للخصومة بين يدي الله تعالى ، وأقسم أبو ذرّ (١) على هذا القول ووقع في «صحيح البخاريّ» (رحمهالله تعالى) : أنّ الآية فيهم ، وقال ابن عباس : الإشارة إلى المؤمنين وأهل الكتاب (٢) ؛ وذلك أنّه وقع بينهم تخاصم ، فقالت اليهود : نحن أقدم دينا منكم ، ونحو هذا ؛ فنزلت الآية ، وقال مجاهد وجماعة (٣) : الإشارة إلى المؤمنين والكفّار على العموم.
قال ع (٤) : وهذا قول تعضده الآية ؛ وذلك أنه تقدّم قوله : (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) المعنى : هم مؤمنون ساجدون ، ثم قال تعالى : (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) / ، ثم أشار ٢٣ أإلى هذين الصنفين بقوله : (هذانِ خَصْمانِ) والمعنى : أن الإيمان وأهله ، والكفر وأهله ـ خصمان مذ كانا إلى يوم القيامة بالعداوة والجدال والحرب ، وخصم مصدر يوصف به الواحد والجمع ، ويدلّ على أنه أراد الجمع قوله : (اخْتَصَمُوا) ؛ فإنه قراءة الجمهور (٥) وقرأ ابن أبي (٦) عبلة : «اختصما».
__________________
(١) أخرجه البخاري (٨ / ٢٩٧) كتاب «التفسير» : باب (هذانِ خَصْمانِ) حديث (٤٧٤٣) و «مسلم» (٤ / ٢٣٢٣) كتاب «التفسير» : باب قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ) حديث (٣٤ / ٣٠٣٣)
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٢٤) برقم (٢٤٩٨٤) ، وذكره البغوي (٣ / ٢٨٠) ، وابن عطية (٤ / ١١٣ ، ١١٤) ، وابن كثير (٣ / ٢١٢) ، والسيوطي (٤ / ٦٢٨) ، وعزاه لابن جرير ، وابن مردويه عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٢٤) برقم (٢٤٩٨٥) ، وذكره البغوي (٣ / ٢٨٠) ، وابن عطية (٤ / ١١٤) ، وابن كثير (٣ / ٢١٢) ، والسيوطي (٤ / ٦٢٨) ، وعزاه لابن جرير عن مجاهد ، وعطاء بن أبي رباح والحسن.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١١٤)
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١١٤)
(٦) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١١٤) ، و «البحر المحيط» (٦ / ٣٣٤) ، و «الدر المصون» (٥ / ١٣٤)