جاءَتْكُمْ
بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا
النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
(٨٥)
وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ
آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً
فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (٨٦) وَإِنْ كانَ
طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا
فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ
(٨٧)
قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا
شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي
مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ (٨٨) قَدِ افْتَرَيْنا
عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ
مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا
وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ
بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (٨٩)
وَقالَ
الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً
إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠)
فَأَخَذَتْهُمُ
الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا
شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا
هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ
وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ
فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ)(٩٣)
وقوله سبحانه :
(وَإِلى مَدْيَنَ
أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ
قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا
تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ
إِصْلاحِها ...) الآية : قيل في (مَدْيَنَ) إنه اسم بلد وقطر ، وقيل : اسم قبيلة ، وقيل : هم من
ولد مدين بن إبراهيم الخليل ، وهذا بعيد ، وروي أنّ لوطا هو جدّ شعيب لأمّه.
وقال مكّيّ :
كان زوج بنت لوط ، و (أَخاهُمْ) : منصوب ب «أرسلنا» في أول القصص ، و «البيّنة» : إشارة
إلى معجزته ، (وَلا تَبْخَسُوا) معناه ولا تظلموا ؛ ومنه قولهم : تحسبها حمقاء ، وهي
باخس ، أي : ظالمة خادعة ، وقال في «سورة هود» : البخس : النّقص.
* ت* : ويحتمل
والله أعلم أنّ البخس هو ما اعتاده النّاس من ذمّ السّلع ؛ ليتوصّلوا بذلك إلى
رخصها ، فتأمّله ، والله أعلم بما أراد سبحانه.
قال أبو حيان :
ولا تبخسوا : متعدّ إلى مفعولين ، تقول : بخست زيدا حقّه ، أي : نقصته إياه.
انتهى.
و (أَشْياءَهُمْ) : يريد أمتعتهم وأموالهم ، (وَلا تُفْسِدُوا) : لفظ عام في دقيق الفساد وجليله ؛ وكذلك الإصلاح عامّ
، (ذلِكُمْ خَيْرٌ
لَكُمْ) ، أي : عند الله (إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ) ،