فليرغب إليه في المعونة من عنده على أداء حقوقه ، ورعايتها ، وناجاه بقلب راغب راهب ؛ إني أنسى إن لم تذكّرني ، وأعجز إن لم تقوّني ، وأجزع إن لم تصبّرني ، وعزم وتوكّل ، واستغاث واستعان ، وتبرّأ من الحول والقوّة إلا بربّه ، وقطع رجاءه من نفسه ، ووجّه رجاءه كلّه إلى خالقه ، فإنه سيجد الله عزوجل قريبا مجيبا متفضّلا متحّننا. انتهى.
قال ابن العربيّ في «أحكامه» (١) قال مالك : ينبغي لكلّ من دخل منزله أن يقول كما قال الله تعالى : (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) انتهى.
وقوله : (فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) هذا الترجّي ب «عسى» يحتمل أن يريد به في الدنيا ، ويحتمل أن يريد به في الآخرة ، وتمنّي ذلك في الآخرة أشرف وأذهب مع الخير والصلاح ، وأن يكون ذلك يراد به الدنيا ـ أذهب في نكاية هذا المخاطب ، و «الحسبان» العذاب ؛ كالبرد والصّرّ ونحوه ، و «الصّعيد» وجه الأرض ، «والزّلق» : الذي لا تثبت فيه قدم ، يعني : تذهب منافعها حتى منفعة المشي فهي وحل لا تثبت فيه قدم.
(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً (٤٣) هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً)(٤٤)
وقوله سبحانه : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ...) الآية : هذا خبر من الله عزوجل عن إحاطة العذاب بحال هذا الممثّل به ، و (يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ) : يريد يضع بطن إحداهما على ظهر الأخرى ، وذلك فعل المتلهّف المتأسّف.
وقوله : (خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) يريد أن السقوف وقعت ، وهي العروش ، ثم تهدّمت الحيطان عليها ؛ فهي خاوية والحيطان على العروش.
* ت* : فسرّ* ع* (٢) رحمهالله لفظ (خاوِيَةٌ) في «سورة الحجّ والنّمل» ب «خالية» ، والأحسن أن تفسّر هنا وفي الحجّ ب «ساقطة» ، وأما التي في «النمل» ، فيتّجه أن تفسّر ب «خالية» وب «ساقطة» قال الزبيديّ في «مختصر العين» خوت الدّار : باد أهلها ، وخوت : تهدّمت انتهى ، وقال الجوهريّ في كتابه المسمّى ب «تاج اللّغة وصحاح العربيّة» : خوت النجوم خيّا : أمحلت ، وذلك إذا سقطت ولم تمطر في نوئها ، وأخوت مثله ، وخوت
__________________
(١) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٢٤٠)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥١٩)