ويظلمني مالي كذا ولوى يدي |
|
لوى يده الله الّذي هو غالبه (١) |
وقرأ (٢) الجمهور : «ثمر» و «بثمره» [الكهف : ٤٢] ـ بضم الثاء والميم ـ جمع «ثمار» ، وقرأ أبو عمرو ـ بسكون الميم (٣) ـ فيهما ، واختلف المتأوّلون في «الثّمر» ـ بضم الثاء والميم ـ فقال ابن عباس وغيره : «الثّمر» : جميع المال من الذهب والفضة والحيوان وغير ذلك (٤) ، وقال ابن زيد : هي الأصول (٥) ، و «المحاورة» : مراجعة القول ، وهو من «حار يحور».
وقوله : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) : هذه المقالة بإزاء مقالة متجبّري قريش ، أو بني تميم ، على ما تقدّم في «سورة الأنعام».* ت* وقوله : (وَأَعَزُّ نَفَراً) يضعّف قول من قال : «إنهما أخوان» فتأمّله ، والله أعلم بما صحّ من ذلك.
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً (٣٦) قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً)(٣٧)
وقوله سبحانه : (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ...) الآية : أفرد الجنة من حيث الوجود كذلك إذ لا يدخلهما معا في وقت واحد ، وظلمه لنفسه هو كفره وعقائده الفاسدة في الشّكّ في البعث ، وفي شكّه في حدوث العالم ، إن كانت إشارته ب (هذِهِ) إلى الهيئة من السموات والأرض وأنواع المخلوقات ، وإن كانت إشارته إلى جنته فقط ، فإنما الكلام تساخف واغترار مفرط ، وقلّة تحصيل ، كأنه من شدّة العجب بها والسرور ، أفرط في وصفها بهذا القول ، ثم قاس أيضا الآخرة على الدنيا وظنّ أنه لم يمل له في دنياه إلا لكرامة يستوجبها في نفسه ، فقال : فإن كان ثمّ رجوع ، فستكون حالي كذا وكذا.
__________________
(١) البيت لأبي زبيد الطائي ، «اللسان» (ظلم)
(٢) ويعني بهم : ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وابن عباس ، ومجاهد ، وجماعة قراء المدينة ومكة ، وخالف عاصم ، فقرأ بفتح الميم والثاء «ثمره» ، و «بثمره».
ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥١٦) ، و «السبعة» (٣٩٠) ، و «الحجة» (٥ / ١٤٢) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٨) ، و «العنوان» (١٢٣) ، و «حجة القراءات» (٤١٦) ، و «إتحاف» (٢ / ٢١٤)
(٣) وهي قراءة الأعمش وأبي رجاء.
ينظر : مصادر القراءة السابقة.
(٤) أخرجه الطبري (٨ / ٢٢٣) برقم : (٢٣٠٥٨) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥١٦) ، وابن كثير (٣ / ٨٣) بنحوه ، والسيوطي (٤ / ٤٠٣) ، وعزاه لابن عبيد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه الطبري (٨ / ٢٢٣) برقم : (٢٣٠٦٣) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥١٦)