وجوههم ...» (١) الحديث ، وقوله : (كُلَّما خَبَتْ) أي : كلما فرغت من إحراقهم ، فسكن اللهيب القائم عليهم قدر ما يعادون ، ثم يثور ، فتلك زيادة السعير ، قاله ابن عبّاس (٢).
قال* ع* (٣) : فالزيادة في حيّزهم ، وأما جهنّم ، فعلى حالها من الشدّة ، لا فتور ، وخبت النار ، معناه : سكن اللهيب ، والجمر على حاله ، وخمدت معناه ، سكن الجمر وضعف ، وهمدت معناه : طفئت جملة.
وقوله سبحانه : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا ...) الآية : الإشارة ب (ذلِكَ) إلى الوعيد المتقدّم بجهنم.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً)(١٠٠)
قوله عزوجل : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) الآية : الرؤية في هذه الآية هي رؤية القلب ، وهذه الآية احتجاج عليهم فيما استبعدوه من البعث ، «والأجل» ؛ هاهنا : يحتمل أن يريد به القيامة ، ويحتمل أن يريد أجل الموت.
وقوله سبحانه : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي ...) الآية : ال (رَحْمَةِ) ، في هذه الآية : المال والنّعم التي تصرف في الأرزاق.
وقوله : (خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) المعنى : خشية عاقبة الإنفاق ، وهو الفقر ، وقال بعض اللّغويّين ، أنفق الرجل معناه : افتقر ؛ كما تقول أترب وأقتر.
وقوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) أي : ممسكا ، يريد أنّ في طبعه ومنتهى نظره أن الأشياء تتناهى وتفنى ، فهو لو ملك خزائن رحمة الله ، لأمسك خشية الفقر ، وكذلك يظنّ أن قدرة الله تقف دون البعث ، والأمر ليس كذلك ، بل قدرته لا تتناهى.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٠٥) ، كتاب «التفسير» باب : ومن سورة الإسراء ، حديث (٣١٤٢) ، من حديث أبي هريرة ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وأخرجه أحمد (٢ / ٣٥٤)
(٢) أخرجه الطبري (٨ / ١٥٣) برقم : (٢٢٧٢٦) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٨٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٦٩) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري في كتاب «الأضداد».
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٤٨٧)