الملك بن مروان على معاوية ، وعنده عمرو بن العاص ، فلم يلبث أن نهض ، فقال معاوية / لعمرو : ما أكمل مروءة هذا الفتى! فقال له عمرو : إنه أخذ بأخلاق أربعة ، وترك أخلاقا ثلاثة ، أخذ بأحسن البشر إذا لقي ، وبأحسن الاستماع إذا حدّث ، وبأحسن الحديث إذا حدّث ، وبأحسن الرّدّ إذا خولف ، وترك مزاح من لا يوثق بعقله ، وترك مخالطة لئام النّاس ، وترك من الحديث ما يعتذر منه. انتهى.
وقوله سبحانه : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ...) الآية : خطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والمراد غيره ، «والمدحور» المهان المبعد.
وقوله سبحانه : (أَفَأَصْفاكُمْ ...) الآية خطاب للعرب ، وتشنيع عليهم فساد قولهم.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤١) قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (٤٢) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (٤٣) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً)(٤٤)
وقوله سبحانه : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا) ، أي صرّفنا فيه الحكم والمواعظ.
وقوله سبحانه : (إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) قال سعيد بن جبير وغيره : معنى الكلام : لابتغوا إليه سبيلا في إفساد ملكه ومضاهاته في قدرته (١) ، وعلى هذا : فالآية بيان للتمانع ، وجارية مع قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢].
قال* ع (٢) * : ونقتضب شيئا من الدليل على أنه لا يجوز أن يكون مع الله تبارك وتعالى إله غيره ؛ على ما قال أبو المعالي وغيره : أنا لو فرضناه ، لفرضنا أن يريد أحدهما تسكين جسم والآخر تحريكه ، ومستحيل أن تنفذ الإرادتان ومستحيل ألّا تنفذا جميعا ، فيكون الجسم لا متحّركا ، ولا ساكنا ، فإن صحّت إرادة أحدهما دون الآخر ، فالذي لم تتمّ إرادته ليس بإله ، فإن قيل : نفرضهما لا يختلفان ، قلنا : اختلافهما جائز غير ممتنع عقلا ، والجائز في حكم الواقع ، ودليل آخر : أنّه لو كان الاثنان ، لم يمتنع أن يكونوا ثلاثة ، وكذلك ويتسلسل إلى ما لا نهاية له ، ودليل آخر : أنّ الجزء الذي لا يتجزّأ من المخترعات لا تتعلّق به إلا قدرة واحدة لا يصحّ فيها اشتراك ، والآخر كذلك دأبا ، فكل جزء إنما يخترعه
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٣ / ٤٥٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٣١) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤٥٩)