فانهه ، فإن أطاعك ، وإلّا كنت شاهدا عليه يوم القيامة.
وقوله سبحانه : (وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) الإشارة ب «هؤلاء» إلى هذه الأمّة.
وقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ...) الآية : قال ابن مسعود رضي الله عنه : أجمع آية في كتاب الله هذه الآية (١) ، وروي عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه ، أنه قال : لما نزلت هذه الآية ، قرأتها على أبي طالب ، فعجب ، وقال : يا آل غالب ، اتّبعوه تفلحوا فو الله ، إنّ الله أرسله ليأمر بمكارم الأخلاق (٢).
قال* ع (٣) * : والعدل فعل كلّ مفروض ، و (الْإِحْسانِ) فعل كلّ مندوب إليه ، (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) : لفظ يقتضي صلة الرحم ، ويعم جميع إسداء الخير إلى القرابة ، و (الْفَحْشاءِ) الزنا ؛ قاله ابن عبّاس (٤) ويتناول اللفظ سائر المعاصي التي شنعتها ظاهرة ، (وَالْمُنْكَرِ) أعمّ منه ؛ لأنه يعمّ جميع المعاصي والرذائل ، والإذاءات على اختلاف أنواعها ، و (الْبَغْيِ) هو إنشاء ظلم الإنسان ، والسعاية فيه ، و (كَفِيلاً) معناه : متكفّلا بوفائكم ، وباقي الآية بيّن.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٩٣)
وقوله سبحانه : (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها ...) الآية : شبّهت هذه الآية الذي يحلف أو يعاهد ويبرم عقده ، بالمرأة تغزل غزلها وتفتله محكما ، ثم تنقض قوى ذلك الغزل ، فتحلّه بعد إبرامه ، و (أَنْكاثاً) نصب على الحال ، و «النّكث» النقض ، والعرب تقول انتكث الحبل ، إذا انتقضت قواه ، و «الدّخل» الدّغل بعينه ، وهو الذرائع إلى الخدع والغدر ،
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٦٣٥) برقم : (٢١٨٦٨ ـ ٢١٨٦٩) بنحوه ، وذكره البغوي (٣ / ٨٢) ، وابن عطية (٣ / ٤١٥) ، وابن كثير (٢ / ٥٨٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٤١) ، وعزاه لسعيد بن منصور والبخاري ، ومحمد بن نصر ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، والبيهقي.
(٢) ذكره ابن عطية (٣ / ٤١٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٤١) ، وعزاه لابن النجار من طريق العكلي ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٤١٦)
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ٦٣٤) برقم : (٢١٨٦٥) ، وذكره البغوي (٣ / ٨٢) ، وابن عطية (٣ / ٤١٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٤١) ، وعزاه لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي.