ويحتمل تهتدون بالنّظر في دلالة هذه المصنوعات على صانعها. / (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) : قال ابن عبّاس : العلامات : معالم الطّرق بالنهار ، والنجوم : هداية (١) الليل ، وهذا قول حسن ؛ فإنه عموم بالمعنى ، واللفظة عامّة ؛ وذلك أنّ كلّ ما دلّ على شيء وأعلم به ، فهو علامة ، والنجم ؛ هنا : اسم جنس ، وهذا هو الصّواب.
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٢١)
وقوله سبحانه : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها ...) الآية : وبحسب العجز عن عدّ نعم الله تعالى يلزم أن يكون الشاكر لها مقصّرا عن بعضها ؛ فلذلك قال عزوجل : (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) ، أي : عن تقصيركم في الشكر عن جميعها ؛ نحا هذا المنحى الطبريّ ؛ ويرد عليه أن نعمة الله في قول العبد : «الحمد لله ربّ العالمين» ، مع شرطها من النيّة والطاعة يوازي جميع النعم ، ولكن أين قولها بشروطها ، والمخاطبة بقوله : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها). عامّة لجميع الناس. (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ؛ أي : تدعونهم آلهة ، و (أَمْواتٌ) : يراد به الذين يدعون من دون الله ، ورفع (أَمْواتٌ) ؛ على أنه خبر مبتدإ مضمر ، تقديره : هم أموات ، وقوله : (غَيْرُ أَحْياءٍ) : أي : لم يقبلوا حياة قطّ ، ولا اتصفوا بها ، وقوله سبحانه : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) : أي : وما يشعر الكفّار متى يبعثون إلى التعذيب.
(إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢) لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٤) لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ)(٢٥)
وقوله سبحانه : (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) أي : منكرة اتحاد الإله.
* ت* : وهذا كما حكى عنهم سبحانه في قولهم : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) [ص : ٥].
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٥٧١) برقم : (٢١٥٤٤) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣٨٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.