إلى أن السبع هنا : آيات الفاتحة ، وهو نصّ حديث أبي بن كعب وغيره (١).
* ت* : وهذا هو الصحيح ، وقد تقدّم بيان ذلك أوّل الكتاب.
(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(٩١)
وقوله سبحانه : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) : حكى الطبريّ عن سفيان بن عيينة ؛ أنه قال : هذه الآية آمرة بالاستغناء بكتاب الله عن جميع زينة الدنيا (٢).
قال* ع (٣) * : فكأنه قال : آتيناك عظيما خطيرا ، فلا تنظر إلى غير ذلك من أمور الدنيا وزينتها التي متّعنا بها أنواعا من هؤلاء الكفرة ؛ ومن هذا المعنى : قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من أوتي القرآن ، فرأى أنّ أحدا أعطي أفضل ممّا أعطي ، فقد عظّم صغيرا وصغّر عظيما».
* ت* : وفي «صحيح مسلم» عن أبي سعيد قال : قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فخطب النّاس ، فقال : «لا والله ، ما أخشى عليكم ، أيّها النّاس ، إلّا ما يخرج الله لكم من زهرة الدّنيا ...» الحديث ، وفي رواية : «أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدّنيا» ، قالوا : وما زهرة الدّنيا ، يا رسول الله؟ قال : «بركات الأرض ...» الحديث ، وفي رواية : «إنّ ممّا أخاف عليكم بعدي ما يفتح لكم من زهرة الدّنيا وزينتها ...» الحديث ، انتهى. والأحاديث في هذه الباب أكثر من أن يحصيها كتاب ، قال الغزّاليّ في «المنهاج» : وإذا أنعم الله عليك بنعمة الدّين ، فإيّاك أن تلتفت إلى الدنيا وحطامها ، فإن ذلك منك لا يكون إلّا بضرب من التهاون بما أولاك مولاك من نعم الدارين ؛ أما تسمع قوله تعالى لسيّد المرسلين : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ...) الآية ، تقديره : إن من أوتي القرآن العظيم حقّ له ألّا ينظر إلى الدنيا الحقيرة نظرة باستحلاء ، فضلا عن أن يكون له فيها رغبة ، فليلتزم الشكر على ذلك ، فإنه الكرامة التي حرص عليها الخليل لأبيه ، والمصطفى عليهالسلام لعمّه ، فلم يفعل ، وأما حطام الدنيا ، فإن الله سبحانه يصبّه على كلّ كافر وفرعون وملحد وزنديق
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٥٣٧) برقم : (٢١٣٢٦)
(٢) ذكره الطبري (٧ / ٥٤٢) ، وذكره البغوي (٥٨١٣) بنحوه ، وابن عطية (٣ / ٣٧٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٥٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٩٨) ، وعزاه لابن المنذر.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٣٧٤)