الكلام إليه من حيث أوحي ذلك إليه ، وأعلمه الله به ، وقوله : (يَسْتَبْشِرُونَ) ، أي : بالأضياف طمعا منهم في الفاحشة ، وقولهم : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) : روي أنهم كانوا تقدّموا إليه في ألّا يضيف أحدا ، والعمر والعمر ـ بفتح العين وضمّها ـ واحد ، وهما مدة الحياة ، ولا يستعمل في القسم إلا بالفتح ، وفي هذه الآية شرف لنبينا محمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن الله عزوجل أقسم بحياته ، ولم يفعل ذلك مع بشر سواه ؛ قاله ابن عباس (١).
* ت* : وقال : * ص* : اللام في (لَعَمْرُكَ) للابتداء ، والكاف خطاب للوط عليهالسلام ، والتقدير : قالت الملائكة له : لعمرك ، واقتصر على هذا.
وما ذكره* ع (٢) * : هو الذي عوّل عليه عياض وغيره.
وقال ابن العربيّ في «أحكامه» : قال المفسّرون بأجمعهم : أقسم الله في هذه الآية بحياة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، ولا أدري ما أخرجهم عن ذكر لوط إلى ذكر محمّد عليهالسلام ، وما المانع أن يقسم الله بحياة لوط ، ويبلغ به من التشريف ما شاء ، وكلّ ما يعطي الله للوط من فضل ، ويؤتيه من شرف ، فلنبيّنا محمّد عليهالسلام ، ضعفاه ؛ لأنه أكرم على الله منه ، وإذا أقسم الله بحياة لوط ، فحياة نبينا محمّد عليهالسلام أرفع ، ولا يخرج من كلام إلى كلام آخر غيره ، لم يجر له ذكر ؛ لغير ضرورة. انتهى.
* ت* : وما ذكره الجمهور أحسن ؛ لأن الخطاب خطاب مواجهة ؛ ولأنه تفسير صحابيّ ، وهو مقدّم على غيره.
و (يَعْمَهُونَ) : معناه : يتردّدون / في حيرتهم ، و (مُشْرِقِينَ) : معناه : قد دخلوا في الإشراق ، وهو سطوع ضوء الشمس وظهوره ؛ قاله ابن (٣) زيد ، وهذه الصّيحة هي صيحة الوجبة ، وليست كصيحة ثمود ، وأهلكوا بعد الفجر مصبحين ، واستوفاهم الهلاك مشرقين ، وباقي قصص الآية تقدّم تفسير.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٥٢٦) برقم : (٢١٢٣٠) ، وذكره البغوي (٣ / ٥٥) ، وابن عطية (٣ / ٣٦٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٥٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٩٢) ، وعزاه لابن أبي شيبة والحرث بن أبي أسامة ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي معا في «الدلائل».
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٣٦٩)
(٣) ذكره ابن عطية (٣ / ٣٧٠)