فاعتنقه ، وقال : فرّجت عني ، فرّج الله عنك (١).
قال* ع (٢) * : فرضي الله عنهم ، كيف كان خلقهم في العلم ، وقال بهذا التأويل جماعة ، وهو الصّواب ، وأما تأويل من قال : إن المعنى : وظنّوا أنهم قد كذبهم من أخبرهم عن الله ، فغير صحيح ، ولا يجوز هذا على الرسل ، وأين العصمة والعلم.
* ت* : قال عياض : فإن قيل : فما معنى قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) ؛ على قراءة التخفيف؟ قلنا : المعنى في ذلك ما قالته عائشة رضي الله عنها معاذ الله ؛ أن تظنّ الرّسل ذلك بربّها ، وإنّما معنى ذلك أنّ الرّسل ، لمّا استيأسوا ، ظنّوا أنّ من وعدهم النصر من أتباعهم ، كذبوهم (٣) ؛ وعلى هذا أكثر المفسّرين ، وقيل : الضمير في «ظنّوا» عائد على الأتباع والأمم ، لا على الأنبياء والرسل ؛ وهو قول ابن عباس والنّخعيّ وابن جبير (٤) وجماعة ، وبهذا المعنى قرأ مجاهد : «كذبوا» بالفتح ، فلا تشغل بالك من شاذّ التفسير بسواه ممّا لا يليق بمنصب العلماء ، فكيف بالأنبياء ، انتهى من «الشفا».
وقوله سبحانه : (جاءَهُمْ نَصْرُنا) : أي : بتعذيب أممهم الكافرة.
(فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ) : أي : من أتباع الرسل.
(وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) : أي : الكافرين ، و «البأس» : العذاب.
وقوله سبحانه : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) : أي : في قصص يوسف وإخوته وسائر الرسل الذين ذكروا على الجملة ، ولمّا كان ذلك كلّه في القرآن ، قال عنه : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) ، و (الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) التوراة والإنجيل ، وباقي الآية بيّن واضح.
* ت* : كنت في وقت أنظر في «السيرة» لابن هشام ، وأتأمّل في خطبة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وهي أوّل خطبة خطبها بالمدينة ، فإذا هاتف يقول : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) ، وقد كان حصل في القلب عبرة في أمره صلىاللهعليهوسلم وأفاضل أصحابه ، رضي الله عنهم أجمعين ، وسلك بنا مناهجهم المرضيّة ، والحمد لله ، وسلام على عباده الذين اصطفى / وصلّى الله على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٣ / ٢٨٨) ، وابن كثير (٢ / ٤٩٧) ، والسيوطي (٤ / ٧٧) ، وعزاه لابن جرير ، وأبي الشيخ.
(٢) ينظر : «المحرر» (٣ / ٢٨٨)
(٣) ذكره ابن عطية (٣ / ٢٨٨)
(٤) ذكره ابن عطية (٣ / ٢٨٨)