أراد : لا أبرح ، ولا يبقى ، و «فتىء» : بمنزلة زال وبرح في المعنى والعمل ؛ تقول : والله ، لا فتئت قاعدا ؛ كما تقول : لا زلت ولا برحت ، وعبارة الداوديّ : وعن ابن عباس : تفتأ ؛ أي : لا تزال تذكر يوسف ، (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) (١). انتهى ، والحرض : الذي قد نهاه الهرم أو الحبّ أو الحزن إلى حال فساد الأعضاء والبدن والحسّ ، يقال : رجل حارض ، أي : ذو همّ وحزن ؛ ومنه قول الشاعر : [البسيط]
إنّي امرؤ لجّ بي حبّ فأحرضني |
|
حتّى بليت وحتّى شفّني السّقم (٢) |
والحرض بالجملة الذي فسد ودنا موته ، قال مجاهد : الحرض : ما دون الموت (٣) ؛ وفي حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ما من مؤمن يمرض حتّى يحرضه المرض إلّا غفر له» (٤) انتهى من «رقائق ابن المبارك».
ثم أجابهم يعقوب عليهالسلام بقوله : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) : أي : إني لست ممّن يجزع ويضجر ، وإنما أشكو إلى الله ، والبثّ : ما في صدر الإنسان مما هو معتزم أن يبثه وينشره.
وقال أبو عبيدة وغيره : البثّ : أشدّ الحزن (٥) قال الداوديّ عن ابن جبير ، قال : من بثّ ، فلم يصبر ، ثم قرأ : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ). انتهى.
وقوله : (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ ...) الآية : «الرّوح» : الرحمة ، ثم جعل اليأس من رحمة الله وتفريجه من صفة الكافرين ؛ إذ فيه إما التكذيب بالرّبوبية ، وإما الجهل بصفات الله تعالى ، / والبضاعة : القطعة من المال يقصد بها شراء شيء ، ولزمها عرف الفقه فيما لا حظّ لحاملها من الربح ، وال (مُزْجاةٍ) : معناها : المدفوعة المتحيّل لها ،
__________________
ـ في «الأشباه والنظائر» (٦ / ٢٣) ، و «الجنى الدانيّ» ص : (٩٨) ، و «جواهر الأدب» ص : (٧٢) ، و «الدرر» (٤ / ٢١٥) ، و «رصف المباني» ص : (١١٨ ، ١٧١) ، و «شرح الأشموني» (٢ / ٢٩٠) ، والصاحبي في «فقه اللغة» ص : (١١٤) ، و «اللامات» ص : (٨١) ، و «مغني اللبيب» (١ / ٢١٤) ، و «المقتضب» (٢ / ٣٢٤) ، و «همع الهوامع» (٢ / ٣٢ ، ٣٩)
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٢٧٧) برقم : (١٩٦٨٦) ، وذكره السيوطي (٤ / ٥٩) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.
(٢) البيت للعرجي ينظر : «أمالي ابن الشجري» (١ / ٣٦٩) ، و «الطبري» (١٦ / ٢٢٢) ، و «مجاز القرآن» (١ / ٣١٧) ، و «الصحاح» و «التاج» و «اللسان» (حرض) ، «روح المعاني» (٥ / ١٩) ، «القرطبي» (٩ / ٢٥٠)
(٣) أخرجه الطبري (٧ / ٢٧٨) برقم : (١٩٦٩٠) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٢٧٣)
(٤) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١ / ٣٠)
(٥) ذكره ابن عطية (٣ / ٢٧٣)