عصمتنا له كذلك ، وقرأ ابن كثير وغيره : «المخلصين» ـ بكسر اللام (١) ـ في سائر القرآن ، ونافع وغيره بفتحها.
(وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٥) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ)(٢٩)
وقوله تعالى : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ ...) الآية : معناه : سابق كلّ واحد منهما صاحبه إلى الباب ، هي لتردّه إلى نفسها ، وهو ليهرب عنها ، فقبضت في أعلى قميصه ، فتخرّق القميص عند طوقه ، ونزل التخريق إلى أسفل القميص ، قال البخاريّ : (وَأَلْفَيا) : أي : وجدا ؛ (أَلْفَوْا آباءَهُمْ) [الصافات : ٦٩] : وجدوهم. انتهى ، و «القدّ» : القطع ، وأكثر ما يستعمل فيما كان طولا ، والقطّ : يستعمل فيما كان / عرضا ، و (أَلْفَيا) : وجدا ، والسيّد : الزوج ؛ قاله زيد بن ثابت ومجاهد (٢).
وقوله سبحانه : (قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً ...) الآية : قال نوف الشاميّ : كان يوسف عليهالسلام لم يبن على كشف القصّة ، فلما بغت عليه ، غضب ، فقال الحقّ ، فأخبر أنها هي راودته عن نفسه ، فروي أن الشاهد كان ابن عمّها ، قال : انظروا إلى القميص ، وقال ابن عباس : كان رجلا من خاصّة الملك (٣) ؛ وقاله مجاهد (٤) وغيره ، والضمير في «رأى» هو للعزيز ، وهو القائل : (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَ) ؛ قال الطبريّ (٥) ، وقيل : بل
__________________
(١) وهي قراءة أبي عمرو وابن عامر ، وجعلوها اسم فاعل ؛ لقوله تعالى : (مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) [الزمر : ١٤]. ينظر : «السبعة» (٣٤٨) ، و «الحجة» (٤ / ٤٢١) ، و «إعراب القراءات» (١ / ٣٠٩) ، و «حجة القراءات» (٣٥٨) ، و «العنوان» (١١٠) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٣٨٢) ، و «شرح شعلة» (٤٣٩) ، و «إتحاف» (٢ / ١٤٥)
(٢) أخرجه الطبري (٧ / ١٩٠) برقم : (١٩١٠٣) وبرقم : (١٩١٠٤) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٢٣٥) ، والسيوطي (٤ / ٢٥). وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.
(٣) أخرجه الطبري (٧ / ١٩٢) برقم : (١٩١٢٢) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٢٣٦) ، وابن كثير (٢ / ٤٧٥) ، والسيوطي (٤ / ٢٦) ، وعزاه للفريابي ، وابن جرير ، وأبي الشيخ.
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ١٩٢) برقم : (١٩١٢٥ ـ ١٩١٢٦ ـ ١٩١٢٧) ، وذكره البغوي (٢ / ٤٢٢) ، وابن عطية (٣ / ٢٣٦) ، وابن كثير (٢ / ٤٧٥)
(٥) ينظر : «تفسير الطبري» (٧ / ١٩٤)