قال ابن العربيّ في «أحكامه» (١) وفي قوله تعالى : (فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ) ، مع قوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) [القارعة : ٩] إشارة إلى أن النار تحت ؛ كما أن الجنّة فوق. انتهى.
والرّيبة : الشّكّ ، وقد يسمّى ريبة فساد المعتقد ، ومعنى الرّيبة ، في هذه الآية : أمر يعمّ الغيظ والحنق ، ويعمّ اعتقاد صواب فعلهم ونحو هذا ممّا يؤدّي كلّه إلى الارتياب في الإسلام ، فمقصد الكلام : لا يزال هذا البنيان الذي هدّم لهم ، يبقي في قلوبهم حزازة وأثر سوء ، وبالشكّ فسّر ابن عباس الريبة هنا(٢).
وبالجملة إن الريبة هنا تعمّ معاني كثيرة يأخذ كلّ منافق منها بحسب قدره من النّفاق.
وقوله : «إلا أن تقطّع قلوبهم» ـ بضم التاء ـ يعني : بالموت ، قاله ابن عباس وغيره (٣) وفي مصحف (٤) أبيّ : «حتّى الممات» ، وفيه : «حتّى تقطّع».
(إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١) التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(١١٢)
وقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ...) الآية : هذه الآية نزلت في البيعة الثالثة ، وهي بيعة العقبة الكبرى ، وهي التي أناف فيها رجال الأنصار على السبعين ؛ وذلك أنهم اجتمعوا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم عند العقبة ، فقالوا : اشترط لك ، ولربّك ، والمتكلّم بذلك عبد الله بن رواحة (٥) فاشترط نبيّ الله
__________________
(١) ينظر : «أحكام القرآن» (٢ / ١٠١٨)
(٢) أخرجه الطبري (٦ / ٤٨٠) برقم : (١٧٢٦٥) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٨٦) ، والبغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٢٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٠٠) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «دلائل النبوة».
(٣) أخرجه الطبري (٦ / ٤٨٠) برقم : (١٧٢٦٥) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٨٦) ، وابن كثير (٢ / ٣٩١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٠٠) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «دلائل النبوة».
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٨٦) ، و «البحر المحيط» (٥ / ١٠٥)
(٥) هو : عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك الأغر ... أبو محمد الأنصاري ، الخزرجي.
كان ممن شهد العقبة ، وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج ، وشهد بدرا ، وأحدا ، والخندق ، ـ