إعدادات
تفسير الثعالبي [ ج ٣ ]
تفسير الثعالبي [ ج ٣ ]
المؤلف :عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف أبي زيد الثعالبي المالكي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :549
تحمیل
الأعراب ، وهي عامّة في الأمة إلى يوم القيامة (١). قال أبو عثمان : ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة منها (٢). وقال مجاهد : بل نزلت هذه الآية في أبي لبابة الأنصاريّ خاصّة في شأنه مع بني قريظة لمّا أشار لهم إلى حلقه ، ثمّ ندم وربط نفسه في سارية من سواري المسجد (٣) ، وقالت فرقة عظيمة : بل نزلت هذه الآية في شأن المخلّفين عن غزوة تبوك.
* ت* : وخرّج «البخاريّ» بسنده عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أتاني اللّيلة آتيان ، فابتعثاني فانتهينا إلى مدينة مبنيّة بلبن ذهب ولبن فضّة ، فتلقّانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء. وشطر كأقبح ما أنت راء ، قالا لهم : اذهبوا فقعوا في ذلك النّهر ، فوقعوا فيه ، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السّوء عنهم ، فصاروا في أحسن صورة ، قالا لي : هذه جنّة عدن ، وهذاك منزلك ، قالا : أمّا القوم الّذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا ، فتجاوز الله عنهم». انتهى (٤).
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(١٠٤)
وقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ...) الآية : روي أن الجماعة التائبة لمّا تيب عليها ، قالوا : يا رسول الله ؛ إنّا نريد أن نتصدّق بأموالنا زيادة في توبتنا ، فقال لهم صلىاللهعليهوسلم : «إنّي لا أعرض لأموالكم إلّا بأمر من الله» (٥) ، فتركهم حتّى نزلت هذه الآية ، فهم المراد بها ، فروي أنه صلىاللهعليهوسلم أخذ ثلث أموالهم ، مراعاة لقوله تعالى : (مِنْ أَمْوالِهِمْ) ،
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٤٦٢) برقم : (١٧١٦٥) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٧٧)
(٢) أخرجه الطبري (٦ / ٤٦٢) برقم : (١٧١٦٦) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٧٧)
(٣) أخرجه الطبري (٦ / ٤٦١) برقم : (١٧١٥٦ ، ١٧١٥٧ ، ١٧١٥٩) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٧٧) ، وابن كثير (٢ / ٣٨٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٨٨) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي.
(٤) أخرجه البخاري (٨ / ١٩٢) كتاب «التفسير» باب : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) ، حديث (٤٦٧٤) ، ومسلم (٤ / ١٧٨١) كتاب «الرؤيا» باب : رؤيا النبي صلىاللهعليهوسلم ، حديث (٢٣ / ٢٢٧٥) ، والترمذي (٤ / ٥٤٣) كتاب «الرؤيا» باب : ما جاء في رؤيا النبي صلىاللهعليهوسلم الميزان والدلو ، حديث (٢٢٩٤) ، وأحمد (٥ / ٨ ، ٩ ، ١٤) ، وابن حبان (٢ / ٤٢٧ ، ٤٣١) برقم : (٦٥٥) ، والطبراني في «الكبير» (٦٩٨٦ ، ٦٩٨٧ ، ٦٩٨٨ ، ٦٩٨٩) ، والبيهقي (٢ / ١٨٧ ـ ١٨٨) ، والبغوي في «شرح السنة» (٤ / ٢٣٧ بتحقيقنا) كلهم من طريق أبي رجاء العطاردي عن سمرة بن جندب به. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٥) ينظر : حديث توبة كعب بن مالك ، وأصحابه ، وقد تقدم تخريجه.