حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) : المعنى : وأنتم أيضا كذلك ، ويحتمل أن يريد ب (أُولئِكَ) : المنافقين.
وقوله سبحانه : (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ ...) الآية : المعنى ألم يأت هؤلاء المنافقين خبر الأمم السالفة التي عصت الله ؛ بتكذيب رسله ، فأهلكها ، و (قَوْمِ إِبْراهِيمَ) : نمرود وأصحابه وأتباع دولته ، (وَأَصْحابِ مَدْيَنَ) قوم شعيب ، (وَالْمُؤْتَفِكاتِ) : أهل القرى الأربعة أو السّبعة التي بعث إليهم لوط عليهالسلام ، ومعنى (الْمُؤْتَفِكاتِ) : المنصرفات والمنقلبات أفكت فأتفكت لأنها جعل عاليها سافلها ، ولفظ البخاريّ : (الْمُؤْتَفِكاتِ) : ائتفكت : انقلبت بهم الأرض. انتهى.
والضمير في (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) : عائد على هذه الأمم المذكورة ، ثم عقّب سبحانه بذكر المؤمنين ، وما منّ به عليهم من حسن الأعمال ؛ ترغيبا وتنشيطا ؛ لمبادرة ما به أمر ؛ لطفا منه بعباده سبحانه ، لا ربّ غيره ، ولا خير إلا خيره.
وقوله سبحانه : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) : قال ابن عباس : هي الصلوات الخمس (١).
قال* ع (٢) * : وبحسب هذا تكون الزّكاة هي المفروضة ، والمدح عندي بالنوافل أبلغ ؛ إذ من يقيم النوافل أحرى بإقامة / الفرض ، والسين في قوله : (سَيَرْحَمُهُمُ) : مدخلة في الوعد مهلة ؛ لتكون النفوس تنعم برجائه سبحانه ، وفضله سبحانه زعيم بالإنجاز ، وذكر الطبريّ (٣) في قوله تعالى : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً) ، عن الحسن أنّه سأل عنها عمران بن حصين وأبا هريرة ، فقالا : على الخبير سقطت! سألنا عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «قصر في الجنّة من اللّؤلؤ ، فيه سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كلّ دار سبعون بيتا من زمرّدة خضراء ، في كلّ بيت سبعون سريرا» (٤) ونحو هذا مما يشبه هذه الألفاظ ، ويقرب منها ، فاختصرتها طلب الإيجاز.
* ت* : وتمام الحديث من «الإحياء» ، وكتاب الآجريّ المعروف ب «كتاب النصيحة» ، عن الحسن عن عمران بن حصين وأبي هريرة ، قالا : «على كلّ سرير سبعون فراشا من كلّ لون ، على كلّ فراش زوجة من الحور العين ، وفي كلّ بيت سبعون مائدة ،
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٤١٥) برقم : (١٩٦٥٤) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥٨)
(٢) ينظر «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٨)
(٣) ينظر : «تفسير الطبري» (٦ / ٤١٦)
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٦١) ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وابن مردويه.