* ت* : زاد ابن الخطيب في روايته : «فإنّ الله تعالى يقول : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ). انتهى من ترجمة محمّد بن عبد الله ، وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّه قال : «إنّ الله ضمن لمن كانت المساجد بيته الأمن ، والأمان ، والجواز على الصّراط يوم القيامة» خرّجه عليّ بن عبد العزيز البغوي في «المسند المنتخب» له ، وروى البغويّ أيضا في هذا «المسند» ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّه قال : «إذا أوطن الرّجل المساجد بالصّلاة ، والذّكر ، تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب لغائبهم إذا قدم عليهم». انتهى من «الكوكب الدرّي» ، قيل : ومعنى «يتبشبش» : أي يفرح به.
وقوله سبحانه : (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ) ، يريد : خشية التعظيم والعبادة ، وهذه مرتبة العدل من الناس ، ولا محالة أنّ الإنسان يخشى غيره ، ويخشى المحاذير الدنيويّة ، وينبغي أن يخشى في ذلك كلّه قضاء الله وتصريفه.
(أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)(٢٢)
وقوله سبحانه : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ ...) الآية : (سِقايَةَ الْحاجِ) : كانت في بني هاشم ، وكان العبّاس يتولّاها ، قال الحسن : ولما نزلت هذه الآية ، قال العبّاس : ما أراني إلّا أترك السقاية ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أقيموا عليها فهي خير لكم» (١) (وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) : قيل : هي حفظه ممّن يظلم فيه ، أو يقول هجرا ، وكان ذلك إلى العبّاس ، وقيل : هي السّدانة (٢) وخدمة البيت خاصّة ، وكان ذلك في بني عبد الدّار ، وكان يتولّاها عثمان بن طلحة ، وابن عمه شيبة ، وأقرّها النبيّ صلىاللهعليهوسلم لهما ثاني يوم الفتح ، وقال : «خذاها خالدة تالدة
__________________
ـ وأبو نعيم في «الحلية» (٨ / ٣٢٧) كلهم من طريق عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري به.
وقال الترمذي : حديث غريب حسن. وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي. وأخرجه أحمد (٣ / ٧٦) ، وعبد بن حميد في «المنتخب» ص : (٢٨٩) رقم : (٩٢٣) ، عن الحسن بن موسى ، ثنا ابن لهيعة عن دراج به.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٩١) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه.
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٩٦) ، وعزاه لأبي الشيخ عن الحسن.
(٢) سدانة الكعبة : خدمتها ، وتولي أمرها ، وفتح بابها وإغلاقه. ينظر : «النهاية» (٢ / ٣٥٥)