قتادة ؛ أنه قال : أبى الله أن يقبل إيمان من آمن ولم يهاجر ، وذلك في صدر الإسلام ، وفيهم قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم «أنا بريء من مسلم أقام بين المشركين لا تتراءى نارهما» (١) الحديث على اختلاف ألفاظه ، وقول قتادة ، إنما هو فيمن كان يقيم متربّصا يقول : من غلب ، كنت معه ؛ وكذلك ذكر في كتاب (٢) «الطّبريّ» ، وغيره ، والضمير في قوله : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) ، قيل : هو عائد على المؤازرة والمعاونة ، ويحتمل على الميثاق المذكور ، ويحتمل على النّصر للمسلمين المستنصرين ، ويحتمل على الموارثة والتزامها ، ويجوز أن يعود مجملا على جميع ما ذكر ، والفتنة : المحنة بالحرب وما انجرّ معها ؛ من الغارات ، والجلاء ، والأسر ، والفساد الكبير : ظهور الشّرك.
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) ، تضمّنت الآية تخصيص المهاجرين والأنصار ، وتشريفهم بهذا الوصف العظيم.
* ت* : وهي مع ذلك عند التأمّل يلوح منها تأويل قتادة المتقدّم ، فتأمّله ، والرزق الكريم : هو طعام الجنّة ؛ كذا ذكر الطبريّ وغيره (٣).
قال ابن العربيّ في «أحكامه» (٤) : وإذا كان الإيمان في القلب حقّا ، ظهر ذلك في
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٢ / ٥٢) كتاب «الجهاد» باب : النهي عن قتل من اعتصم بالسجود ، حديث (٢٦٤٥) ، والترمذي (٤ / ١٣٢ ـ ١٣٣) كتاب «السير» باب : ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين ، حديث (١٦٠٤) ، والطبراني في «الكبير» (٢ / ٣٠٣) رقم : (٢٢٦٤) ، والبيهقي (٨ / ١٣١) كتاب «القسامة» باب : ما جاء في وجوب الكفارة في أنواع قتل الخطأ ، من طريق أبي معاوية ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير به. وقد أعله أبو داود بالإرسال فقال : رواه هشيم ومعمر وخالد الواسطي وجماعة لم يذكروا جريرا.
وقد أخرجه مرسلا الترمذي (٤ / ١٣٣) كتاب «السير» باب : ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين ، حديث (١٦٠٥) ، والنسائي (٨ / ٣٦) كتاب «القسامة» باب : القود بغير حديدة ، والبيهقي (٨ / ١٣٠) كتاب «القسامة» ، كلهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم مرسلا. وقال الترمذي : وهذا أصحّ وأكثر أصحاب إسماعيل ، عن قيس بن أبي حازم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث سرية ولم يذكروا فيه عن جرير ، ورواه حماد بن سلمة ، عن الحجاج بن أرطاة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس عن جرير مثل حديث أبي معاوية. قال : وسمعت محمدا يقول : الصحيح حديث قيس عن النبي صلىاللهعليهوسلم اه.
(٢) ينظر : «تفسير الطبري» (٦ / ٢٩٨)
(٣) ينظر : «تفسير الطبري» (٦ / ٢٩٩)
(٤) ينظر : «أحكام القرآن» لابن العربي (٢ / ٨٨٩)