دعائه : «يا مقلّب القلوب ، ثبت قلبي على دينك» (١) انتهى من «الهداية».
وروى مالك بن أنس والنسائي ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعا أبيّ بن كعب وهو في الصّلاة ، فلم يجبه ، وأسرع في بقيّة صلاته ، فلمّا فرغ جاء ، فقال له النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : ألم يقل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)؟ قال أبيّ : لا جرم ، يا رسول الله ، لا تدعوني أبدا إلّا أجبتك ...» (٢) الحديث بطوله ، واختلاف ألفاظه ، وفي «البخاريّ ومسلم» ؛ أن ذلك / وقع مع أبي سعيد بن المعلّى (٣) ، وروي أنه وقع نحوه مع حذيفة بن اليمان (٤) في غزوة الخندق.
وقوله : عزوجل : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) في الآية تأويلات ، أسبقها إلى النفس ، أن الله سبحانه حذّر جميع المؤمنين من فتنة إن أصابت لم تخصّ الظلمة فقط ، بل تصيب الكلّ من ظالم وبريء ، وهذا تأويل الزّبير بن العوّام ، والحسن البصري (٥) ، وكذلك تأويل ابن عباس ؛ فإنه قال : أمر الله المؤمنين في هذه الآية ألّا يقروا المنكر بين أظهرهم ، فيعمّهم العذاب (٦) و (خَاصَّةً) : نعت لمصدر محذوف ، تقديره إصابة خاصة ، فهي نصب على الحال ، وقرأ علي (٧) بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره : «لتصيبنّ» ـ باللام ـ على جواب قسم ، والمعنى على هذا : وعيد للظلمة فقط.
وقوله سبحانه : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ ...) الآية : هذه الآية تتضمّن تعديد نعم الله على المؤمنين ، و «إذ» : ظرف لمعمول ، «واذكروا» : تقديره : واذكروا حالكم الكائنة ، أو
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه في سورة «الفاتحة».
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه في سورة «الفاتحة».
(٥) أخرجه الطبري (٦ / ٢١٦ ـ ٢١٧) برقم : (١٥٩١٧) وبرقم : (١٥٩١٨ ـ ١٥٩١٩ ـ ١٥٩٢٠) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٥١٥) ، وذكر نحوه البغوي (٢ / ٢٤١) ، وابن كثير (٢ / ٢٩٩) بنحوه أيضا ، والسيوطي (٣ / ٣٢١)
(٦) أخرجه الطبري (٦ / ٢١٧) برقم : (١٥٩٢٣) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٥١٥) ، والبغوي (٢ / ٢٤١) ، وابن كثير (٢ / ٢٩٩) ، والسيوطي (٣ / ٣٢٢)
(٧) وقرأ بها ابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وأبو العالية ، وأبو جعفر محمد بن علي ، والربيع بن أنس ، وابن جمّار.
ينظر : «الشواذ» ص : (٥٤) ، و «المحتسب» (١ / ٢٧٧) ، و «الكشاف» (٢ / ٢١٢) و «المحرر الوجيز» (٢ / ٥١٦) ، و «البحر المحيط» (٤ / ٤٧٨) ، و «الدر المصون» (٣ / ٤١٢)