قال سيبويه : التقدير : الأمر ذلكم ، و (مُوهِنُ) معناه مضعف مبطل.
وقوله سبحانه : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ ...) الآية : قال أكثر المتأولين : هذه الآية مخاطبة لكفار «مكة» ؛ روي أن قريشا لما عزموا على الخروج إلى حماية العير ، تعلقوا بأستار الكعبة ، واستفتحوا ، وروي أن أبا جهل قال صبيحة يوم بدر : اللهم انصر أحبّ الفئتين إليك ، وأظهر خير الدّينين عندك ، اللهم أقطعنا للرحم فأحنه الغداة ، ونحو هذا فقال الله لهم : إن تطلبوا الفتح فقد جاءكم ، أي : كما ترونه عليكم لا لكم ، وفي هذا توبيخ لهم ، وإن تنتهوا عن كفركم وغيكم فهو خير لكم ، وإن تعودوا للاستفتاح نعد بمثل وقعة بدر ، وباقي الآية بيّن.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(٢٣)
وقوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ ...) الآية : قيل : إنها نزلت بسبب اختلافهم في النّفل ، ومجادلتهم في الحق ، وكراهيتهم خروج النبي صلىاللهعليهوسلم ، و (تَوَلَّوْا) أصله : تتولوا.
وقوله : (أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) يريد دعاءه لكم بالقرآن والمواعظ.
وقوله : (كَالَّذِينَ قالُوا) يريد الكفار ؛ إما من قريش لقولهم : (سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) [الأنفال : ٣١] ، وإما الكفار على الإطلاق.
وقوله سبحانه : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ) مقصد الآية بيان أن هذه / الصنيفة العاتية من الكفّار هي شرّ النّاس عند الله سبحانه وأنها في أخسّ المنازل لديه ، وعبر بالدواب ليتأكد ذمهم ، وقوله : (الصُّمُّ الْبُكْمُ) عبارة عما في قلوبهم ، وعدم انشراح صدورهم ، وإدراك عقولهم.
وقوله : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) أي سماع هدى ، وتفهّم ، (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) أي : ولو فهمهم (لَتَوَلَّوْا) بحكم القضاء السابق فيهم ، ولأعرضوا عما تبين لهم من الهدى.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً