وليس معك منه شيء إنما هي مع أهل اللب والعالمين بالله تعالى كفيء الظلال (١).
نستطيع أن نسمي هذه الوصية القيمة للإمام الباقر (عليهالسلام) ـ بالوصية الزهدية ـ لما حملت بين طياتها من التحذير من غرور الدنيا وآثامها ، والحث على الزهد لأنه في نظر العارفين بالله تعالى هو أسلم طريق للوصول إلى مرضاته ومحبته لأن فيه كل ما يمكن أن يوصل إلى الفضيلة ومن ثم إلى المجتمع الفاضل الذي ارتضاه الله لعباده الصالحين.
٥ ـ كثرة صدقاته
كان الإمام الباقر (عليهالسلام) رحيما بالفقراء عطوفا عليهم ، فقد كان يرفع من شأنهم لئلا يرى عليهم ذل الحاجة والمسكنة ، وأنه عهد إلى أهله إذا قصدهم سائل أن لا يقولوا له يا سائل خذ هذا ، وإنما يقولون له : يا عبد الله بورك فيك (٢) ، وكان يقول سموهم بأحسن أسمائهم (٣).
يقصد بذلك الفقراء والمحتاجين لأنه كان يعتبر التصدق عليهم صلة واجبة بين المؤمنين.
وكذلك عدّ الإمام الباقر (عليهالسلام) عتق العبيد وإنقاذهم من رق العبودية نوعا آخر من أنواع البر والمعروف فقد نقلت عنه المصادر أنه أعتق أحد عشر مملوكا في يوم واحد كلهم من أسرة واحدة (٤) وروي أنه أعتق عند حضور وفاته ثلث عبيده (٥). وكان يكثر البر والمعروف على فقراء المدينة فقد أحصيت صدقاته فبلغت ثمانية آلاف دينار (٦). وهذا المبلغ ضخم جدا وكان يشكل ثروة هائلة فلم
__________________
(١) مخطوطة مرآة الزمان سبط ابن الجوزي ، ج ٥ / الورقة ٧٨+ صفوة الصفوة ، ابن الجوزي ، ٢ / ٦١+ حلية الأولياء ، الأصفهاني ، ٣ / ١٨٢+ كشف الغمة ، الأربلي ، ٢ / ٣٣٣+ مطالب السئول ، ابن طلحة الشافعي ، ٨٠.
(٢) عيون الأخبار ، ابن قتيبة ، ٣ / ٢٠٨+ مخطوطة تاريخ دمشق ، ابن عساكر ، ج ٥١ / الورقة ٥٣.
(٣) أعيان الشيعة ، محسن الأمين ، ق ١ / ٤ / ٤٧٢.
(٤) شرح شافية أبي فراس ، ٢ / ١٧٦+ ظ : حياة الإمام الباقر ، باقر القرشي ، / ١ / ٩٦.
(٥) المصدر نفسه والصفحة+ المصدر نفسه والصفحة.
(٦) أعيان الشيعة ، محسن الأمين ، ق ١ / ٤ / ٤٧١.