عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر (عليهالسلام) : أصلحك الله ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال : من أكل من مال اليتيم درهما (١).
وقال السدي : يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأذنيه ، وأنفه وعينيه ، يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم (٢).
وقال القرطبي : دل الكتاب والسنة على أن أكل مال اليتيم من الكبائر (٣).
فهو من الموبقات السبع الواردة في الحديث الشريف ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : يا رسول الله وما هن؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات (٤).
حذر الإمام الباقر (عليهالسلام) من مغبة أكل مال اليتيم في هذه الرواية المنقولة عنه ، واعتبر أن أيسر عمل يدخل فيه الإنسان النار هو أكله قليلا من مال اليتيم ليسد الطريق أمام من تسول له نفسه باقتراف هذا الذنب العظيم من جهة وليشعر الناس بأن الله تبارك وتعالى ما ذكر اليتيم في مواطن متعددة من القرآن الكريم إلا لأهمية هذا الموضوع من حيث التآخي والتآزر وعدم إهمال هذا الصنف من الناس أو التجرؤ على ظلمه والعدوان على ماله من جهة أخرى.
خامسا : في القناعة ومحاسنها
القناعة : هي الاكتفاء من المال بقدر الحاجة والكفاف ، وعدم الاهتمام فيما زاد على ذلك (٥). وهي صفة كريمة تعرب عن عزة النفس وشرف الوجدان ،
__________________
(١) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٢٢٥.
(٢) جامع البيان ، الطبري ، ٨ / ٢٦+ زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٢ / ٢٤+ تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ٢ / ٢١٠ ـ ٢١١.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ٥٣.
(٤). صحيح البخاري ، كتاب الحدود ، ٨ / ١٧٥+ صحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، ١ / ٦٤+ الترغيب والترهيب ، المنذري ، ٤ / ٣٥٦.
(٥) ظ : أدب الدنيا والدين ، الماوردي ، ٢٠٨+ الخلق الكامل ، محمد أحمد جاد المولى ، ٢ / ١٠٣+ موعظة المؤمنين ، القاسمي ، ٢ / ٢٤٤.