الضرر عن النفس على كل أحد (١) وقيل : إن (من) للتبعيض مراعاة لمن لا يقدر على الأمر بالمعروف مثل المرضى والعاجزين ، وقيل : هو مختص بالعلماء لأن الواجب مشروط بأن يعلم الآمر بالمعروف بحقيقته والناهي عن المنكر بحقيقته ، ولقيام الإجماع على أنه على سبيل الكفاية لكان ذلك إيجابا على البعض لا على الكل (٢).
ومن الآيات الدالة على هذا الوجوب بما ورد الأثر عن الإمام الباقر في قوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(٣).
أخرج الشيخ الطوسي بسند صحيح عن الإمام الباقر (عليهالسلام) قوله : ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٤) ، وعن جابر الجعفي عن الباقر (عليهالسلام) أنه اخبر عن قوم آخر الزمان لا يمتثلون لأمر هذه الآية إلا إذا أمنوا الضرر فيغضب الله عليهم فيعمهم عقابه (٥).
واختلف الإمامية في الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر بموجب الآية ، قد وجب شرعا أم عقلا أم بهما معا؟ نقل صاحب المسالك ذلك الاختلاف بقوله : ذهب الشيخ الطوسي بأنه واجب عقلا ، لكونه لطف وكل لطف واجب ، ومنع المرتضى منه بحجة أنه يلزم منه أن يكون كل معروف واقعا وكل منكر مرتفعا وإلا فالناس جميعا مخلين بالواجب (٦) ، وفي استدلاله هذا نظر.
وقال صاحب المسالك : أما القول بوجوبه عقلا والشرع مؤكد ، كما ذهب إليه جمع غفير واضح إذ ليس في العقل ما يدل على الوجوب مطلقا إلا على سبيل دفع الضرر كما تقدم (٧).
__________________
(١) التفسير الكبير ، الرازي ، ٨ / ١٧٧.
(٢) المصدر نفسه والصفحة.
(٣) آل عمران / ١٠٤.
(٤) التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ٥٧+ فروع الكافي ، الكليني ، ١ / ٣٤٣+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ٦ / ٣٩٣.
(٥) المصدر نفسه ، ٢ / ٥٨+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ٦ / ٣٩٤.
(٦) مسالك الإفهام ، الشهيد الثاني ، ٢ / ٣٧٣.
(٧) المصدر نفسه والصفحة.