السماء ، قال : فضج أهل السماء من معاصي أهل الأرض مما يسمعون ويرون من افترائهم الكذب على الله وجرأتهم عليه ، ونزهوا الله مما يقول فيه خلقه ويصفون ، قال : فقالت طائفة من الملائكة : يا ربنا أما تغضب مما يعمل خلقك في أرضك ، مما يفترون عليك الكذب ويقولون الزور ويرتكبون المعاصي وقد نهيتهم عنها ثم أنت تحلم عنهم وهم في قبضتك وقدرتك وخلال عافيتك ، قال أبو جعفر : وأحب الله أن يري الملائكة قدرته ونافذ أمره في جميع خلقه ويعرّف الملائكة ما منّ به عليهم مما عدلهم عنده من جميع خلقه وما طبعهم عليه من الطاعة وعصمهم به من الذنوب ، قال : فأوحى الله إلى الملائكة أن اندبوا منكم ملكين حتى أهبطهما إلى الأرض ثم أجعل فيهما من طبائع المطعم والمشرب والشهوة والحرص والأمل مثلما جعلت في ولد آدم ثم أختبرهما في الطاعة لي ، قال : فندبوا لذلك هاروت وماروت وكانوا من أشد الملائكة قولا في العيب على ولد آدم ، قال : ثم أوحى الله إليهما انظرا ألا تشركا بي شيئا ولا تقتلا النفس التي حرّمت ولا تزنيا ولا تشربا الخمر ، قال : ثم كشط عن السموات السبع ليريهما قدرته ، ثم أهبطهما إلى الأرض في صورة بشر ولباسهم ، فهبطا برحبة بابل فرفع لهما بناء مشرفا فأقبلا نحوه فإذا بحضرته امرأة جميلة حسناء مزينة ، معطرة ، مسفرة ، مقبلة نحوهما ، فلما نظرا إليها وناطقاها وتأملاها وقعت في قلوبهما موقعا شديدا لموضع الشهوة التي جعلت فيهما ، ثم أنهما ائتمرا بينهما وذكرا ما نهيا عنه من الزنا فمضيا ثم حركتهما الشهوة التي جعلت فيهما فرجعا إليها رجوع فتنة وخذلان ، فراوداها عن نفسها فقالت لهما : إن لي دينا أدين به ولست أقدر في ديني الذي أدين له على أن أجيبكما إلى ما تريدان إلا أن تدخلان في ديني الذي أدين به ، فقالا لها : وما دينك؟ فقالت : لي إله من عبده وسجد له كان لي السبيل إلى أن أجيبه إلى ما كان سألني ، فقالا لها : وما إلهك؟ قالت : إلهي ، هذا الصنم. قال الإمام الباقر : فنظر أحدهما إلى صاحبه فقالا : هاتان الخصلتان مما نهينا عنهما الشرك والزنا ، لأنا إن سجدنا لهذا الصنم وعبدناه أشركنا بالله وإنما نشرك بالله لنصل إلى الزنا ، وهو هذا ما نحن نطلبه فليس نعطاه