الكفر ، لعدم إتمام الحجة بالرسل وعدم حدوثها بعد ، فلما بعث الله الرسل وأتم الحجة بهم اختلفوا وتفرقوا (١).
٤ ـ روى الشيخ الصدوق في العلة التي من أجلها دعا نوح على قومه بسنده عن سدير الصيرفي قال : قلت لأبي جعفر (عليهالسلام) : أرأيت نوحا (عليهالسلام) حين دعا على قومه فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً)(٢) ، قال الإمام : علم أنه لا ينجو من بينهم أحد ، قال : قلت : وكيف علم ذلك؟ قال : أوحى الله إليه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ)(٣) فعند هذا دعا عليهم بهذا الدعاء (٤).
٥ ـ سنورد هنا مثالا على طوله لنبين مدى استطاعة الإمام الباقر في استنباط المعاني للآيات القرآنية الكريمة ، فقد روى محمد بن يعقوب الكليني بسنده عن حمران وزرارة ابني أعين ومحمد بن مسلم الطائفي ، في تفسير قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٥) ، عن الإمام الباقر قال : إن الله إذا أراد أن يخلق النطفة التي هي مما أخذ عليه الميثاق من صلب آدم (عليهالسلام) أو مما يبدو له فيه ويجعلها في الرحم حرك الرجل للجماع وأوحى إلى الرحم أن افتحي بابك حتى يلج فيك خلقي وقضائي النافذ وقدري ، فتفتح بابها ، فتصل النطفة إلى الرحم فتردد فيه أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما ثم مضغة أربعين يوما ثم تصير لحما فيه عروق متشابكة ، ثم يبعث الله ملكين خلاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء الله ، يقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة ، فيصلان إلى الرحم وفيها الروح القديمة في أصلاب الرجال وأرحام النساء فينفخان فيها روح الحياة والبقاء ، ويشقان له السمع والبصر والجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله تعالى ، ثم يوحي الله إلى الملكين ، اكتبا عليه قضائي وقدري
__________________
(١) ظ : مواهب الرحمن ، السبزواري ، ٣ / ٢٩٠.
(٢) نوح / ٢٦ ـ ٢٧.
(٣) هود / ٣٦.
(٤) علل الشرائع ، الشيخ الصدوق ، ١ / ٣١.
(٥) آل عمران / ٦.