(١٨ ه) فقد زاد على نقش الكسروية للدراهم (الحمد لله ، محمد رسول الله) وفي بعضها (لا إله إلا هو) وتلتها محاولات أخرى ذكرت في كتب التاريخ (١).
غير أن هذه المسكوكات لم تكن تعتبر رسمية في الدولة الإسلامية ، أي باعتبار منع التداول بغيرها منعا باتا بل ظل الأمر هكذا ، جريا في التعامل بالمسكوكات والعملات الرومية والفارسية ، وبعد مجيء الدولة الأموية واتساع الرقعة الإسلامية اتساعا مطردا وظهور ثقافات واقتصاديات غير إسلامية حاولت التغلغل في الحياة الإسلامية ، انتبه لذلك الخلفاء الأمويون وخاصة عبد الملك بن مروان (ت : ٨٦ ه) فقاد حركة تعريبية واسعة ، ساعده فيها خالد بن يزيد بن معاوية (ت : ٩٠ ه) (٢) واكتشفنا ذلك من خلال ترجمة حياته ، فأراد عبد الملك تغيير طراز القراطيس من الرومية إلى العربية ومن ثم تحرير النقد العربي الإسلامي فتم له ذلك سنة (٧٦ ه).
وقد اختلفت أقوال العلماء فيمن أشار عليه على ثلاث روايات وهي :
الرواية الأولى :
روى الكسائي (ت : ١٨٩ ه) (٣) ما ملخصه : أن هارون الرشيد حدثه : أن عبد الملك بن مروان أراد تغيير الطراز من الرومية إلى العربية فشق ذلك
__________________
(١) تاريخ التمدن الإسلامي ، جرجي زيدان ، ١ / ١١١.
(٢) هو خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ، كان صغيرا حين توفي اخوه معاوية بن يزيد فتولى الخلافة مروان بن الحكم ، وتزوج أم خالد ليخمله ، ويقال : إنه أحب صنعة الكيمياء فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونان ممن كان ينزل مصر ، وقد تفصح بالعربية وأمرهم بنقل الكتب من اللسان القبطي واليوناني إلى العربي ، قال الجاحظ : خالد بن يزيد خطيب ، شاعر ، وفصيح جامع ، جيد الرأي ، وهو أول من ترجم كتب النجوم والطب والكيمياء ، (ت : ٩٠ ه). انظر مصادر ترجمته : الفهرست ، ابن النديم ، ٢٤٢+ البيان والتبيين ، الجاحظ ، ١ / ١٧٨+ وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ١ / ١٦٨+ تاريخ دمشق ، ابن عساكر ، ٥ / ١٦+ تاريخ ابن الوردي ، ١ / ١٧٩.
(٣) هو علي بن حمزة بن عبد الله الاسدي بن الولاء الكوفي ، أبو الحسن الكسائي ، ولد في إحدى قرى الكوفة ، وتعلم في الكوفة وتنقل في البادية ثم سكن بغداد واتصل بالرشيد وكان يؤدب ولديه الأمين والمأمون ، وكان اثيرا عند الرشيد حتى أخرجه من طبقة المؤدبين إلى طبقة الجلساء والمؤانسين (ت : ١٨٩ ه) له تصانيف. انظر مصادر ترجمته : تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي ، ١١ / ٤٠٣+ وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ١ / ٣٣٠+ غاية النهاية ، ابن الجزري ، ١ / ٣٥٠.