قلت : وهذا الوجه أولى من تنكير الموصول ، سيّما بعد ما سمعت من تفسيره بالأخبار بالنبيّين والصديقين والشهداء والصالحين ، وغيرهم من أولياء مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام.
مضافا إلى استفادة حصر أصناف النّاس كافّة حينئذ في الثلاثة الراجعة إلى الإثنين : أهل الحق وهم أهل ولاية من يدور مع الحق حيثما دار ، وأهل الباطل الذين انحرفوا عن الحقّ بالغلوّ والتقصير ، فلا داعي إلى التكليف بتنكير الموصول الذي هو في غاية البعد.
نعم عن عليّ بن عيسى الرّماني أنّه قال : إنّما جاز أن يكون نعتا للّذين لأنّ الّذين بصلتها ليست بالمعرفة المعينة كالأعلام نحو زيد وعمرو ، إنّما هي كالنكرات إذا عرّفت نحو الرّجل والفرس ، فلمّا كانت الذين كذلك ، كانت صفتها كذلك أيضا كما يقال : لا أجلس إلا إلى العالم غير الجاهل ، ولو كانت بمنزلة الأعلام لما جاز كما لم يجز مررت بزيد غير الظريف بالجرّ على الصفة.
ثمّ إنّه على فرض كونها صفة قيل بجواز كونها صفة مبينة له ، على تقدير أن يراد بالنعم في (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) النعم الاخروية ، وما يتوصّل إلى نيلها من الدنيوية ، أو مقيّدة على فرض إرادة مطلق النعم أو الدنيوية مطلقا لدخول الكافر حينئذ.
لكن في «الحواشي البهائيّة» أنّ الأولى التفصيل بأنّه قد سبق أنّ (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) هم المؤمنون أو الأنبياء أو أصحاب موسى وعيسى على نبيّنا وآله وعليهماالسلام قبل التحريف والنسخ ، فعلى الأوّل إن أريد بهم من اتّصف بالايمان ولو في الجملة ، وبالمغضوب عليهم والضّالّين العصاة منهم ، والجاهلون ببعض العقائد فالصفة مقيّدة ، وإن أريد به الكاملون في الإيمان فمبينة أيضا ، وإن أريد بالمغضوب عليهم والضالين اليهود والنصارى فمبيّنة أيضا سواء أريد بالمؤمنين