باللّام في قوله :
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني |
|
فمضيت ثمّة قلت لا يعنيني |
أي لئيم يسبّني إذ لا مرور على الكل ، ولا دلالة على التعيين ، وإن كان يمكن حمله على ضرب من العهد : فتأمّل فإنّ مراد القائل مدح نفسه بالحلم وإغماض العين ، وقصد التنكير من المعارف باب وسيع تقول : إنّى لأمرّ على الرجل مثلك فيكرمني ، بل يجرى في الأعلام الشخصيّة على تأويل المسمّى بهذا الاسم ، ولذا ذكروا أنّ غير المنصرف بالعلميّة وسبب آخر ينصرف عند التنكير كقوله : مررت بأحمدكم.
وإمّا بتعريف اللفظ نظرا إلى زوال إبهامها في المقام رأسا كما مرّ حكايته عن السيرافي ، وغيره ، ولذا قال السراج : إنّ غيرا في هذا الموضع مع ما أضيف إليه معرفة لأنّ حكم كلّ مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة ، وإنّما تنكرت غير ومثل ، مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما ، وذلك أنّك إذا قلت رأيت غيرك فكلّ شيء يرى سوى المخاطب فهو غيره ، وكذلك إذا قلت رأيت مثلك فما هو مثله لا يحصى ، وأمّا إذا كان شيء معرفة له ضدّ واحد وأردت إثباته ونفى ضدّه ، وعلم ذلك السامع ، فوصفت بغير وأضفت غير إلى ضدّه فهو معرفة ، وذلك نحو قولك : عليك بالحركة غير السكون ، فغير السكون معرفة وهي الحركة ، فكأنّك كرّرت الحركة تأكيدا وكذلك قوله : (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) فغير المغضوب عليهم هم الذين أنعم عليهم ، فمتى كانت غير بهذه الصفة فهي معرفة ، وكذلك إذا عرف إنسان بأنّه مثلك في ضرب من الضروب فقيل فيه : قد جاء مثلك ، كانت معرفة إذا أردت المعروف بمثلك.
قال : ومن جعل غير بدلا استغنى من هذا الإحتجاج ، لأنّ النكرة قد تبدل من المعرفة.