من موادّ الظنون والتخيّلات المنبّه عليها من قبل ، ومتعلّق الإشارة في الثاني ليس من حيث كونه معبودا فقط ، بل من حيث إنّ له صلاحية أن يعين من يعبده فيما لا يستقلّ به العابد إذا طلب الإعانة منه ، كذا ذكره الشيخ القونوى (١) في تفسير الفاتحة.
وفيه مضافا إلى ابتنائه على تخيّل المعبود وتوهّمه الذي ينبغي تنزيهه عنه بل لا يتمّ التوحيد إلّا بذلك ، إذ من يعبد المتوهّم فهو مشرك أو كافر ، أنّ قيد الإطلاق ، والحيثيّات والقيود مسلوبة هناك.
وما أشار إليه بحيثيّة صلاحيّة الإعانة ليس من الذات في شيء ، بل إنّما هو في صقع الفعل حسب ما أشرنا إليه سابقا. (ختام للمقام)
قال في مجمع البيان : قد أخطأ من استدلّ بهذه الآية على أنّ القدرة مع الفعل ، من حيث إنّ القدرة لو كانت متقدّمة لما كان لطلب المعونة وجه ، لأنّ الرغبة الى الله في طلب المعونة على وجهين :
أحدهما أن يسأل الله تعالى من الطاقة وما يقوى دواعيه ويسهّل الفعل عليه ما ليس بحاصل ، ومتى لطف له بأن يعلّمه أنّ له في فعله الثواب العظيم زاد ذلك في نشاطه ورغبته.
والثاني أن يطلب بقاء كونه قادرا على طاعاته المستقبلة ، بأن يجدّد له القدرة حالا بعد حال عند من لا يقول ببقائها ، وأن لا يفعل ما يضادّها وينفيها عند من قال ببقائها (٢).
أقول : هذا إشارة الى المسألة المعروفة بين المتكلّمين ، ومجمل الاشارة إليها
__________________
(١) هو محمد بن إسحاق صدر الدين الصوفي الرومي القونوي المتوفى سنة (٦٧٢) ه ـ معجم المؤلفين ج ٩ ص ٤٣.
(٢) مجمع البيان ج ١ / ٢٦.