ويمكن الجواب بأنّ المراد معنى التأكيد وهو التنصيص على التخصيص بالاستعانة ، ولو اكتفى بمجرّد العطف من دون تكرير الضمير ربما أوهم أنه قد يستعين بغيره ولا يخصّه بالاستعانة كما يخصّه بالعبادة.
على أنّ نفى الشرك في الاستعانة أبلغ في نفى الشرك في العبادة ، فمع إفادته فائدة جديدة في الثانية يؤكّد الاولى أيضا.
وإمّا التنصيص على حصول التقرّب بكلّ من الفعلين ، فإنّه لو اقتصر على واحد منهما ربما توهّم متوهم أنّه لا يحصل التقرّب إلّا بهما معا ، مضافا إلى ما فيه من الإشعار بمراعاة النكات المتقدّمة لضمير الجمع وغيره في كلّ من الفعلين لا فيهما معا.
ولعلّه أيضا مراد من عبّر عنه بالتأكيد ممثلا له بقوله تعالى : (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) (١).
وإمّا الاستلذاذ بطول الخطاب مع المحبوب وبسط الكلام عنده كما في قول موسى على نبينا وآله وعليهالسلام : (هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي) (٢) الآية.
وإمّا لأن الواو للحال ، والجملة حاليّة ، أى نعبدك مستعينين بك ، فلو ترك التكرار لفات المقصود.
وإمّا لأنّ متعلّق الإشارة في إيّاك نعبد ليس بمتعلّق الإشارة في وإيّاك نستعين ، نظرا الى أنّ الأوّل اشارة الى الأمر الذي ثبت استحقاقه للعبادة عند العابد ، وصار منتهى مدى مقصده ووجهته بحسب علمه أو شهوده ، أو اعتقاده المتحصّل
__________________
(١) طه : ٣٣.
(٢) طه : ١٨.