رياء ولا سمعة ، وإيّاك نستعين منك نسأل المعونة على طاعتك (١).
وحكاه في المجمع عن الكسائي ، قال : تقديره قولوا : إيّاك نعبد ، ولهذا كما قال الله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا) (٢) اى يقولون : ربّنا ، وقال : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) (٣) ، اى يقولون : سلام (٤).
وإمّا لما ذكره القوم من أنّ المقصود الإشعار بحقارة نفسه من عرض العبادة منفردا وطلب الإعانة مستقلا من دون الانضمام والدخول في جملة جماعة يشاركون في عرض العبادة على باب العظمة والكبرياء ، كما هو الدأب عند عرض الهدايا على الملوك ورفع الحوائج إليهم.
وأنّ في خطابنا له عزّ وعلا بأنّ خضوعنا التامّ واستعانتنا في المهامّ منحصران فيه سبحانه مع خضوعنا الكامل لأهل الدنيا من الملوك والوزراء ومن يحذو حذوهم جرأة عظيمة وجسارة جسيمة ، فقصد بإيثار ضمير الجمع تغليب الأصفياء الخلّص على غيرهم كى يحترز بذلك عن الكذب الظاهر والتهوّر الشنيع.
وأنّ هنا مسألة فقهيّة وهي أنّ من باع أمتعة مختلفة صفقة واحدة فخرج بعضها معيبا فللمشتري أن يقبل الجميع أو يردّ الجميع ، وليس له التبعّض ، فكأنّ العابد أراد أن يحتال لقبول عبادته الناقصة بأن أدرجها في عبادات غيره من الأولياء والمقرّبين ، وعرض الجميع صفقة واحدة على حضرة ذي الجود والإفضال فهو عزّ شأنه أجلّ من أن يردّ المعيب ويقبل الصحيح ، كيف وقد نهى
__________________
(١) تفسير الامام عليهالسلام ص ١٨ وعنه كنز الدقائق ج ١ / ٦٤.
(٢) السجدة : ٢.
(٣) الرعد : ٢٣.
(٤) مجمع البيان ج ١ / ٢٧.