المعجمون الإنسانى الذي هو نسخة مختصرة من مجموع العالم الكبير لانطوائه فيه بجميع أجزاءه من الدرّة الى الذرّة ، فإنّ فيه من كلّ شيء شيئا ، ففيه رأس من المشيّة المعبّر عنه بالمشيّة الجزئيّة ، وفيه قبضة من العقل ، وقبضة من النفس ، وقبضة من الطبيعة ، وقبضة من المزاج ، وقبضة من عالم المثال ، وقبضة من الأفلاك السبعة ، وقبضة من العناصر الأربعة ، وقبضة من المواليد الثلاثة حسب ما نفصّل كلّا منها في موضعه إن شاء الله ، وكلّ شيء من الأشياء شاعر بنفسه مسبّح لربّه ، لائذ في فناء الفناء إلى باب قدس الجود والبقاء ، ولذا قال سبحانه :
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (١).
وقال سبحانه : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (٢).
وذلك لما قرّر في محلّه من أنّ الوجود الإمكانى يساوق الشعور ، والشعور التذلّل والاستكانة ، حتى أنّ الكافر بجميع أجزائه مسبّح لله تعالى في جميع العوالم المرتبة إلّا بقلبه ولسانه أحيانا في مقام الشعور الإنساني ولذا في دعاء الركوع : خشع لك سمعي وبصرى وشعري وبصرى ولحمى ودمي ومخّي وعصبي وعظامي» (٣).
وفي دعاء عرفة المتقدّم ذكر بعضه ما سمعت.
وامّا باعتبار التمهيد لعموم الدعاء ، حيث إنّه لمّا مجّد الله ووصفه بصفاته الحسنى ، وأظهر له العبوديّة أراد أن يسأله الهداية الّتي هي الجامعة لخير الدنيا والآخرة عمّم المسألة لأنّه أقرب الى الاجابة ، مع ما ورد من أنّه من دعا لأخيه
__________________
(١) الجمعة : ١ والتغابن : ١.
(٢) الإسراء : ٤٤.
(٣) بحار الأنوار : ج ٨٥ / ١١١.