فالسؤال في قوله (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١) وغيره ممّا ورد في الآيات والأخبار محمول على السؤال الجعلى الإبداعى الأوّلي الّذى حين العطاء وحين القبول.
وأمّا القول بالأعيان الثابتة ، وأنّ الماهيّات في أنفسها غير مجعولة ، وأنّ لها استعدادات وقابليّات ذاتيّة غير مفاضة بالجعل الإبداعى ، وهي الموجبة لاختلاف قبولها ومراتبها فممّا يأبى عنه القول بالتوحيد وتمجيده سبحانه بالتفريد ، لاستلزامه تعدّد القدماء ، إذ ليست أعداما محضة ، ضرورة عدم التمايز فيها ، ولا واسطة بين الوجود والعدم ، لبطلانها في نفسها ، مع أنّ أصحاب الأعيان يصرّحون بنفيها فلم يقولوا به من جهتها ، وظاهر أكثر المعروفين بالعلم والمعرفة وإن كان إثبات الأعيان ، إلّا أنّ العقل القاطع يأبى عن متابعتهم بعد قيام صريح البرهان ، فإنّ الحقّ حقّ بالتصديق والإذعان.
هذا كلّه بالنسبة الى بدو التكوين ، وأمّا في الإمدادات السيّاله والفيوض المتّصلة ففيها مضافا إلى ما مرّ من السؤال نظرا الى القول بتجدّد الأمثال سؤال آخر استعدادي متأخّر عن الكينونة المتقدّمة وباقترانه بالإجابة يتحصّل التقرّر والبقاء ، (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) (٢).
وقد ينضمّ إليهما سؤال ثالث يظهر أوّلا في الجنان ، ثمّ يتجلّى بآثاره وبأشعّة أنواره على الأركان واللّسان.
وأمّا الكينونة الغير الضرورية فهي ما لا يتوقّف عليه الوجود والبقاء من النعم الّتي توجب الوسعة في المعيشة ، وسؤالها على الوجهين الأوّلين وقد يقترنان بالثالث.
__________________
(١) سورة فصّلت : ١٠.
(٢) سورة النحل : ٨٨.