صفحة جنانه يخرج من الظّلمة إلى النّور ومن الغياب إلى الحضور فكيف لو لازم وظائف الأذكار ودوام على تلاوته آناء اللّيل وأطراف النّهار فحينئذ يرتفع الحجب من البين ويصل من الأثر إلى العين كما روى عن الإمام الهمام كشّاف الحقائق جعفر بن محمّد الصّادق عليهالسلام لقد تجلّى الله لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون.
وروى عنه عليهالسلام : انّه كان يصلّى في بعض الأيّام فخرّ مغشيّا عليه في أثناء الصلاة فسئل عن ذلك فقال : ما زلت اردّد آية من كتاب الله حتّى سمعتها من قائلها (١).
قال بعض أصحاب القلوب انّ الآية كانت هذه الآية بل ذكر شيخنا البهائى قدسسره الخبر هكذا ما زلت أردّد هذه الآية إلخ ثمّ حكى عن بعض العارفين : أنّ لسان جعفر الصّادق عليهالسلام كان في ذلك الوقت كشجرة الطّور عند قول إنّى أنا الله ثمّ قال : وما أحسن قول الشّيخ الشّبسترى (٢) بالفارسيّة نظما :
روا باشد أنا الله از درختى |
|
چرا نبود روا از نيك بختى (٣) |
قلت : أمّا التّشبيه فالأظهر فيه التّعكيس لكن مع حفظ الحدود للأمن عن التّلبيس ، وأمّا قول الشّبسترى ففيه إيماء إلى وحدة الوجود ، وتضييع الحدود ، وعدم تميّز العابد عن المعبود ، ولعلّه إشارة إلى تصحيح قول من قال أنا الله ، وليس في جبّتى سوى الله ، وغيرها من المزخرفات الباطلة والتّرهّات العاطلة وبين المقامين بون بعيد لا يخفى على من له قلب أو القى السّمع وهو شهيد (٤).
__________________
(١) كنز الدقائق ج ١ / ٦٠ وفيه : ما زلت أردّد الآية حتى سمعتها من المتكلّم بها.
(٢) هو الشيخ محمود بن عبد الكريم الشبسترى المتوفى (٧٢٠) ه وكان عمره (٣٣) سنة.
(٣) مفتاح الفلاح ص ٧٧٧.
(٤) قال العلّامة الخواجوئي في تعليقه على المفتاح : قوله : چرا نبود روا از نيك بختى لأنّه يكون من مقولة قول فرعون (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) بل يكون أقبح منه ، لأنّ هذا يمكن تأويله بأنّ المراد بالربّ هنا ملك مصر في قوله (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) في سورة يوسف : ٥٠ ، وبالأعلى انه أعلى شأنا من سائر الملوك ، بخلاف كلمة أنا الله ، فإنّه علم الذات الواجب الوجود ... إلخ.