(نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (١) و (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) (٢) و (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٣) و (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (٤).
والأخبار في هذا المعنى متظافرة متكاثرة ، بل متواترة ، فبسائط الكلمات وهي الحروف محتوية على بسائط العالم وحقائقها.
ولذا قال مولانا الرضا عليهالسلام في خبر عمران الصابي : «اعلم أن الإبداع والمشية والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلاثة ، وكان أول إبداعه ومشيته وإرادته الحروف التي جعلها أصلا لكل شيء ، ودليلا على كل مدرك ، وفاصلا لكل مشكل ، وبتلك الحروف تفريق كل شيء من اسم حق أو باطل أو فعل ، أو مفعول ، أو معنى ، أو غير معنى ، وعليها اجتمعت الأمور كلها ، ولم يجعل للحروف في إبداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا وجود لها ، لأنها مبدعة بالإبداع ، والنور في هذا الموضع أو فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض ، والحروف هي المفعول بذلك الفعل ، وهي الحروف التي عليها الكلام والعبارات» (٥).
فالحروف باعتبار انبساط النقطة فيها واحتوائها عليها تسمى فعلا ، كما عبر به الإمام عليهالسلام أولا ، وباعتبار تميزها عن النقطة وتحصلها منها تسمى مفعولا كما أشار إليه ثانيا. فعلى هذا فالفعل الذي هو المشية والإرادة والإبداع هو النقطة التي خلقها الله تعالى بنفسها وخلق الحروف بها.
__________________
(١) النحل : ٨٩.
(٢) يوسف : ١١١.
(٣) الأنعام : ٥٩.
(٤) يس : ١٢.
(٥) بحار الأنوار : ج ١٠ / ٣١٤ ، عن توحيد الصدوق وعيون الأخبار.