قال شيخنا التقي (١) المجلسي رحمة الله عليه في «روضة المتقين» : في المشهور بين الخاصة والعامة عن عبد الله بن عباس أنه قال : كنت ليلة عند أمير المؤمنين عليهالسلام وسألت عن تفسير الحمد ، فشرع في تفسير بسم الله وقاله حتى أصبحنا فقلت له : يا أمير المؤمنين طلع الصبح ولم يتم تفسير بسم الله ، فقال عليهالسلام : لو أردت بيانها لأوقرت سبعين جملا من تفسيرها (٢).
ثم قال المجلسي رحمهالله : وذكر العالم الرباني ، والفاضل الصمداني السيد حيدر الآملي (٣) : «إنه صلوات الله عليه تكلم على قدر فهم الخلايق ، وإلا فأنا عبد من عبيده واستفضت من أنواره صلوات الله عليه قادر على أكثر من ذلك.
أقول : ومجمل الإشارة إلى بعض اسرار النقطة أنّ الكتاب التدويني طباق ووفاق للكتاب التكويني ، وقد قوبل به فما زاد منه ولا نقص بحرف من الحروف ، ولذا قد وضع لكل حقيقة من الحقائق ولكل سر من الأسرار ، ونور من الأنوار عبارة من العبارات ، وكلمة من الكلمات وحرف من الحروف.
نعم ، لو لم يكن الإذن في إظهاره يقفل باب البيان واللسان والجنان بقفل غيبي ملكوتي لا يهتدي صاحبه إلى مفتاحه سبيلا إلّا بعد حصول الإذن ، وإلا فجميع الحقائق والمراتب والعوالم والمقامات المترتبة في السلسلة العرضية والطولية في قوسي الهبوط ، والصعود مندرجة متنزلة في كسوة الحروف والألفاظ في كتاب الله المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، كما قال عز من قائل :
__________________
(١) هو المولى محمد تقي بن علي المجلسي المولود (١٠٠٣) ه والمتوفى (١٠٧٠) ه.
(٢) روضة المتقين : ج ٢ / ٣١٣ ، باب وصف الصلاة.
(٣) هو السيد حيدر بن علي حيدر الحسيني الآملي الصوفي كان حيا في سنة (٧٨١) ه وفي تلك السنة صنف في تأويل القرآن في سبع مجلدات. ـ أعلام الشيعة ج ٣ / ٦٦.