** (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة : المعنى : إن السابقين من الأولين هم أمة من الناس الكثيرة وهم الأمم من لدن آدم ـ عليهالسلام ـ إلى الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والسابقون إلى الإيمان والطاعة أولئك هم المقربون في جنات النعيم .. ووردت كلمة «ثلة» في ثلاث آيات فقط من سورة «الواقعة» وهي الأمة من الناس الكثيرة وقوله ـ عزوجل ـ في الآية الكريمة التالية : (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) كفى به دليلا على الكثرة .. وهي من الثل وهو الكسر كما أن الأمة من الأم وهو الشج كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم ؛ وثمة من يخلط بين «الشلة» و «الثلة» وهم يعنون طائفة من الناس أو جماعة قليلة أو كثيرة علما بأن «الشلة» لم تذكرها المصادر أو المراجع بهذا المعنى .. بل ذكرت أن «الشلة ـ بفتح الشين وضمها : تعني : الوجه الذي ينويه المسافر أو الأمر البعيد الذي تطلبه .. والشلة ـ بكسر الشين ـ هي خصلة مطوية من خيوط الغزل ومن استخراجاتها : قولهم : شلت يد الرجل وشلت ـ ببناء الفعل للمعلوم والمجهول ـ وأشلها الله : بمعنى : فسدت وأيبسها الله فصار الرجل أشل ويده : شلاء .. ومنه قولهم : لا شلت يداك : بمعنى : لا يبست واستعمال حرف النفي «لا» مع الفعل الماضي يفيد الدعاء وهذه العبارة تقال لمن أجاد الرمي أو الطعن. وإذا أردنا جماعة من الناس قلنا : حضر ثلة منهم ـ بضم الثاء ـ لأن لفظها بفتح الثاء يعني معنى آخر منه الصوف مجازا .. نحو : هذا كساء جيد الثلة وعند اجتماع الصوف والشعر والوبر يطلق عليه أيضا : الثلة. ومن الأمثلة : فلان لا يفرق ين «الثلة» و «الثلة» أي لا يفرق بين جماعة الناس وجماعة الأنعام. ويطلق هذا المثل على من لا يجيد معاني اللغة وأسرارها ولا يدرك كنهها. أما «الثلة» بكسر الثاء فتعني الهلكة. وشبيه المثل المذكور مثل آخر .. يقول : هذا لا يعرف الحو من اللو : أي لا يفرق بين الحق والباطل. وقال بعضهم : الحو : سوق الإبل .. واللو. حبسها. ويروى : ما يعرف الحي من اللي .. وقال سمر : الحو : نعم. واللو : لو. أي لا يعرف هذا من هذا.
** (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة .. المعنى : وقليل من الأمم الحديثة أي من أمة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وصفوا بالقلة بالنسبة لمجموع من كان قبلهم وهم كثيرون.
** سبب نزول الآية : أخرج أحمد وغيره عن أبي هريرة قال : لما نزلت (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) شق ـ أي صعب ـ ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) و (وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) على سرر منسوجة بالجواهر والذهب أو مشبكة بالدر ومطعمة بخيوط الذهب.
** (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : يطوف على المؤمنين في الجنة ولدان خالدون بأقداح وهو القدح الذي لا عروة له وأقداح لها عروة وخرطوم من خمر معين أي نابع أو عين نابعة من الأرض من خمر جارية من منبع لا ينقطع خمره لا يصدعون عنها ولا ينزفون ـ الآية الكريمة التالية أي لا يصدر صداعهم عنها وهو إحدى آفات خمر الدنيا ولا يسكرون أي لا تغتال عقولهم كخمر الدنيا .. يقال : أنزف الرجل : بمعنى سكر وهي ليست كالخمر التي قال عنها الشاعر :
تشابه دمعي إذ جرى ومدامتي |
|
فمن مثل ما في الكأس عيني سكب |
فو الله ما أدري أيا الكأس أسبلت |
|
دموعي أم من عبرتي كنت أشرب |