دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه. والوجه الرابع : الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه .. روي أن القرآن الكريم أنزل جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وأملاه جبريل ـ عليهالسلام ـ على السفرة ثم كان ينزله على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نجوما في ثلاث وعشرين سنة. وهذا الكتاب العظيم يحتوي على مائة وأربع عشرة سورة تشتمل على ستة آلاف ومائتين وست وثلاثين آية وتحوي سبعة وسبعين ألفا وأربعمائة وتسعا وثلاثين كلمة.
** (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المراد بأم الكتاب : اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماوية وهو كناية عن علم الله القديم بمعنى وإن هذا القرآن المثبت في اللوح المحفوظ عندنا لرفيع الشأن في الكتب وذو حكمة بالغة أي منزلته عالية عندنا.
** (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. وكلمة «صفحا» مصدر من غير لفظه بمعنى : أفنضرب عنكم الذكر ضربا .. ومعنى «ضرب عنه الذكر» أي أبعده وهو مصدر الفعل «صفح» نحو : صفح عنه ـ يصفح ـ صفحا .. من باب «قطع» بمعنى أعرض عن ذنبه .. وضرب عنه صفحا : أعرض عنه وتركه أو ولاه صفحة عنقه كناية عن إهماله وتركه ومنه القول : صفحة الشيء : بمعنى : جانبه وناحيته .. أما «صفح الجبل» فمعناه : سفحه .. قال الجوهري : تصفح الشيء : بمعنى : نظر في صفحاته .. والمصافحة والتصافح : الأخذ باليد. والتصفيح مثل التصفيق .. وفي الحديث : التسبيح للرجال والتصفيح للنساء. ويروى بالقاف أيضا. ويقال صفحت عن ذنب صديقي : بمعنى عفوت عنه .. وقال الفيومي : يقال : صفحت الكتاب وتصفحته : أي قلبت صفحاته وهي وجوه الأوراق .. وصفحت القوم : بمعنى : رأيت صفحات وجوههم. و «صفحا» في الآية الكريمة المذكورة آنفا : معناه : إعراضا والمراد هنا : معرضين أي المقصود : إنكار أن يكون الأمر على خلاف المطلوب من إنزال القرآن بلغتهم ليفهموه.
** (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : ما أتاهم نبي يدعوهم إلى الإيمان وطاعة الله ورسله إلا سخروا به وكذبوه .. وقول الله تعالى فيه تسلية ـ أو تسرية ـ لرسوله الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن استهزاء قومه به. أي ليسري الله عنه بسبب استهزاء قومه .. يقال : انسرى الهم عنه : أي انكشف وسري ـ بضم السين وتشديد الراء ـ مثله. ويقال أيضا : سلاه من همه تسلية : بمعنى كشف الهم عنه.
** (فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : فأهلكنا قوما أشد منهم أي من المسرفين على أنفسهم تجبّرا وعنفا فحذف الموصوف «قوما» وأقيمت الصفة «أشد» مقامه. وكلمة «أشد» ممنوعة من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل. والبطش : هو التجبر والأخذ بعنف .. يقال بطش به ـ يبطش ـ بطشا .. من بابي «ضرب» و «نصر» بمعنى : فتك به وأخذه بصولة وشدة .. وبطش عليه : أي سطا وانقض عليه .. والبطشة : هي السطوة. وقال الفيومي : الفعل «بطش» من باب «ضرب» وبها قرأ السبعة وفي لغة من باب «قتل» وقرأ بها الحسن البصري وأبو جعفر المدني .. وبطشت اليد : إذا عملت فيه فهي باطشة ـ اسم فاعلة.