المقتضية للترتيب ولو كان بالواو ما قال فيه إشكال ، قال : والجواب : أن يجعل النسيان هنا بمعنى الترك ، ويكون النسيان في قوله (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ) على حقيقته.
قوله تعالى : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ).
أن أذكره قد يكون النسيان من الله تعالى ، وقد يكون من الشيطان ؛ فنسيه هنا للشيطان ظنا منه وإلا فيكون الله تعالى أنساه ذلك لما أراده من إطلاعه على الخضر.
قوله تعالى : (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا).
قال المفسرون : المراد بالرحمة النبوة ؛ فيكون الخضر نبيا.
قال ابن عرفة : وكان بعضهم يقول : الرحمة على إبقائها وقدم ذكرها احتراسا لما يأتي من قوله تعالى : (حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) [سورة الكهف : ٧٤] وقتله للغلام يوهم اتصافه بالغلظة والجفاء فاحترس من ذلك بأنه متصف بكمال الرحمة ، وما فعل ذلك إلا بأمر من الله إما بوحي إن كان نبيا على لسان الملك ، أو بأنها أمر من الله تعالى إن كان وليا.
قوله تعالى : (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً).
قال ابن عرفة : فيه إشارة إلى أنك كنت غير عالم فعلمت ، وكذلك إما كما علمت علمني ؛ فلذلك لم يقل (مِمَّا عُلِّمْتَ ؛) فإن قلت : ما يقبل التعليم العلم الظاهر الذي له أمارات ودلائل ، وأما علم الباطن فلا ينحصر ولا يقبل تعليما ، ولذلك قال (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) ، فالجواب : أن موسى صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ظن أنه راجع للعلم الظاهر الذي ينحصر بالأمارات والدلائل ، فأسفرت العاقبة أنه من علم الباطن الذي لا يقبل تعليما ، أو يقال : إنه طلب منه أن يعلمه طريق السلوك الموصلة لما وصل هو إليه.
قال ابن عرفة : و (رُشْداً) لا يصح أن يكون من باب الأعمال بحيث يطلبه بعلمني ، وعلمت أن تكون مفعولا ثانيا لكل واحد منهما ؛ لأنك إن علمت فعلمني يجب أن يضمر في الثاني مفعولا ولا يكون إلا منطوقا به لا مقدرا ؛ لأنه يؤدي إلى نصبه العامل للعهد وقطعه عنه ، وإن أعلمته للثاني يبقى الموصول بغير عائد فيتعين أن يكون معمولا للأول ، ولا تكون المسألة من باب الإعمال.
قوله تعالى : (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها).