سورة الإسراء
آية وعشر آيات (١)
قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً).
قال ابن عرفة : وجه ذكر التسبيح هنا أن الباقي بعده للمصاحبة فيقتضي مصاحبة بعده في الإسراء وذلك مستحيل كما استحال في قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ). فذكر تنزيهه عن ذلك وغيره.
قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ).
قال ابن عرفة : هي دليل على صحة تكليف ما لا يطاق ولا يتحمل على أنهم مخلفون بالإصلاح والإيمان مع كونه قضى عليهم بالفساد في الأرض وما قضاه وأراده فلابد منه فهم مخلفون بالإيمان وحوطوا بأنهم سيفسدون قال : والجواب أن هذا ليس محل النزاع لأنه في المستحيل عقلا وهو الذي علم الله أنه لا بد منه خلاف المستحيل عادة وأتى فيه بالقسم لأجل أنه مستبعد عنهم فلذلك أقسم له.
قوله تعالى : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) ابن عطية قرأ الجنس فجاسوا بالفاء المهملة تعني الطلبة والدخول بهذا وقيل لأنه السماك إنما القراءة جاسوا بالجيم فقال جاسوا وجاسوا وأخذ ابن عطية فهذا يدل على جر لا على رواية ولهذا لا تجوز الصلاة بقراءته وقراءة نظرائه.
قال ابن عرفة : قال الشيخ أبو الحسن اللخمي في كتاب الصلاة في فعل القراءة يجوز نقل القرآن بالمعنى تخريجا من راوية ابن وهب أنه حال مبالغة الإقراء بقراءة ابن مسعود أن (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) فقال الرجل : طعام اليتيم فقال ابن مسعود : طعام الفاجر أيقرأ بهذا ، فقال : نعم فخرج الفخر عدم إعادة المصلي بها وأنكر عليه المازري ، وقال هذه وله لأن لفظه معجز فلا يصح بديله بالمرادف الذي في الحديث القدر بل فعل وحده وليس هذا [...] مستوفيا خروج المباح منه لأن المعنى أن يصدر منكم إحسان فلأنفسكم والمباح ليس لهم ولا يليهم فإن قلتم نص الأصوليون على أن المباح من أقسام الحسن قلنا : هذا صحيح لكن قوله هنا لأنفسكم يرده لأنه تنبيه على الثواب الحاصل لهم في الدار الآخرة والمباح لا ثواب فيه وكرر لفظ مستهم للاستجلاء كقول أبي نواس :
__________________
(١) يراد أنها مكية إلا آية وعشر آيات.