ابن عرفة : الظاهر عندي بأن الألف واللام في القرى للعهد ، والمراد قرى الأولين الذين تقدم ذكرهم في قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) [سورة الكهف : ٥٥].
قوله تعالى : (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ).
كان بعضهم يقول : يقع في نفسي أن مجمع البحرين هو مجمع البحر المالح ووادي مجردة عند الذرية ، وهو الذي يقال له : فرق البحرين والصخرة فصخرة أبي ربيعة ، والجدار في المجدية والسفينة هي التي كانت تجلب الحجر والرخام ؛ إنما الحقيقة العادية من خراسان.
قال الزمخشري : مجمع البحرين ملتقى بحري فارس والروم بالمشرق ، وقيل : طنجة بالأندلس عند زقاق سبتة وهو ملتقى بحر الظلمات والبحر الآخر ، وقيل : إفريقية ، واختلفوا في الخضر هل هو حي أم ميت ، لقوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم : " لا إسلام لمن لا هجرة له" ، فلو كان حيا لهاجر ، وقال أبو طالب في القوت : إنه هاجر ، وقال أبو المعالي : الظاهر إنه ..... (١) ووقع في البخاري : " أرأيتكم ليلتكم هذه بأن على رأس مائة سنة منها لا تبقى فمن هو اليوم على وجه الأرض [٥١ / ٢٤٥] أحد" ، فأجيب بأنه لعله كان بين السماء والأرض أو كان في البحر ، والمراد بالأرض أرض بلدهم التي هم فيها ، كقوله تعالى : (يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) [سورة المائدة : ٣٣].
قوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما).
معطوف على فعل مقدر ، أي صارا فلما بلغا.
قوله تعالى : (نَسِيا حُوتَهُما).
النسيان إما بمعنى الترك ، أو هو في حق يوشع عليهالسلام على حقيقته ، وفي حق موسى بمعنى الترك ، فإن قلت : لاتخاذ الترك متقدم على النسيان ؛ لأن يوشع لما رقد موسى وبقى هو يحرس ، طاش الحوت ودخل في البحر ، فهم يوشع أن يوقظ موسى وهابه (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) [سورة الكهف : ٦١] وعزم يوشع على أن يخبر بذلك موسى إذا استيقظ من نومه ، فلما استيقظ سيء أن يخبره ؛ فكان الأولى أن يقال : فلما بلغا مجمع بينهما اتخذ سبيله في البحر سربا فنسيا حوتهما ، ولإتيان العطف بالفاء
__________________
(١) بياض في المخطوطة ، وسقط أيضا.